- عبدالباري طاهر
ما أقسى خبر الموت لأي إنسان، وما أشد قسوته عندما يكون عن قريب أو صديق!
قبل بضعة أيام داهمني خبر وفاة الصديق الحميم محمد عبدالعزيز الحكيمي، كان محمد عبدالعزيز نجمًا في صنعاء في سبعينيات القرن الماضي، وشابًا نقيًا أنيقًا صاحب ظرف ونكتة، وتتبع للأحداث، معلقًا ساخرًا على كل شيء، ذو ذكاء مدهش، وفطنة على قراءة الوقائع بنفس قومي يساري.
كانت لقاءاتنا شبه اليومية لدى صديقنا الصحفي الفقيد عز الدين ياسين رئيس تحرير (الهدف)، وفيما بعد مجلة (الوحدة) أو لدى الأستاذ المؤرخ والقاص علي محمد عبده، كان عزيز شغوفًا بمناجمة الأستاذ علي محمد عبده بحركة 1948، وعزيز يسخر من كل ما يعجبه وما لا يعجبه؛ فله مزاج النكتة والتمسخر..
عاش – يرحمه الله- عفيفًا شريفًا نظيفًا، علاقته بالناس والحياة علاقة ود ممزوجة بالسخرية الضاحكة..
كان منزله في حي هائل سعيد الذي حول إلى شارع الرياض ملاذًا لي وملجأ في أزمنة الطفر والضيق، وما أقساها! كان قلبًا لا يعرف الكراهية ولا الحقد، كان قلبًا مفتوحًا ككتاب، ومنيرًا ككوكب.. انتسب شابًا للبعث العربي الاشتراكي متحولاً للطليعة الشعبية.
أفادني العزيز فيصل سعيد فارع أن والده هو عبد العزيز ثابت حيدرة الحكيمي، وأن صديقنا محمد من مواليد 1948، ودرس الثانوية العامة في تعز 1966، وهو خريج اقتصاد ومالية جامعة الإسكندرية.. ألتحق بعد التخرج بوزارة الاقتصاد والتموين، ثم استقر به المقام بمجموعة هائل سعيد.. ليس الفجيعة فقط فقدان أصدقائنا، ولكن الأكثر بؤسًا وتعاسة عدم تذكرهم إلا بعد موتهم.
قصف الطيران السعودي لشارع هائل بداية الحرب أدى إلى إصابة شقته بأضرار، وقد نجا من القصف؛ ليعيش التشرد؛ فله الرحمة، والعزاء لأسرته ومحبيه.