- كتب : محيي الدين جرمة
كم يذكرني السرد الحكائي الجميل للروائي المصري المبدع محمد صالح البحر في
روايته ” حتى يجد الأسود من يحبه ” بمفردة البحر الكثيرة الجزلة،
العذبة. والمالحة في روايات حنا مينا. بينما يخزع السارد المياه بطرس
الكلام. ويرسم امكنة الخيال والشغف. ويسير بتؤدة رفقة ظلال شخصياته التي
تتدفق بوردة الآسئلة. وبهجة اللغة. وزهر التأملات. حينا تجنح رؤية السارد
الى زمكان السرد لتوازيه بسير شفيف للحدث. ووصف لايتقيد بكلفة العبارة. او
سيلان الجمل وتأرجحاتها حيثما تهب رياح التذكر. او الاستماع لصوت الشخصية
ولما يترجح من بطولة السيرة نفسها في العمل كمحورية حضور البحر وكسمة
ومفردة سمراء الحنين. رمضاء الرملة.لدنة المعنى والتشوف والحضور المفارق في تسلسل الكلام.
اصغاء الصمت لأرجحاته. اذ تحتشد الرؤى.وينساب السطر
تلو السطر. دونما جنوح للتململ. او الملل من سطوة المزاج. او ثقل الحرف هنا او هناك. لتأخذ الإطالة في السير في حديقة المعنى السردي. والتنزه في
فصوله من خلال التمثيل الرقمي. للمقاطع. او الأجزاء. قدرة اخرى من الشغف و
الرغبة في مواصلة التلقي واقتفاء رسم الأمكنة والشخوص ليغدو السرد مرهونا
بجماليات وخفة المعنى واللغة التي تنسرب من بين اصابع الحواس المتطامنة في
تفاعلها وانتظارها. كما ان التخييل كنزهة أخرى تأخذ في رحلة نحو ما يجعلني
أمضي معه متذكرا بصيص خطواتي ذات زيارة ل” لشاطئ المنتزه” في الاسكندرية.
وجماليات المكان المديني.ورحبة الناس هنا في الاختلاف بسمات تميزها عن
الافضية القاهرية المتكررة في بنية السرد لاكما في الرواية المفضية في
تماثلاتها مع روايات التكرار والوصف ..غير ان رواية ” البحر” هنا تصف
وتحلم. وتنجز حدثها البسيط من نتاج وحدتها. لتتسع عباراتها بالحلم في تجاوز تلك الوحدة الى طموح ما يصنعه المتخيل وتنتجه اللغة في اسلوبية كاتبها محمد صالح البحر