- كتب: سلطان عزعزي
“أن تكون مثقفا، يعني أن تحاكي عالما تحرقه الحروب ويلتهم أبناءه الالتباس وسوء الفهم”
نادرون أولئك الذين يستطيعون الخطو خارج ذواتهم من النخب الفكرية والسياسية !!
نادرون أولئك الذين تقودهم عاطفة إنسانية نبيلة من الاحساس بالآخرين والتعاطف معهم وبأوضاعهم المأساوية اثناء الصراع والحرب، أو ما قد يقع عليهم من ظرف إنساني حرج لايستطيعون دفعه، كالمرض أو أي موقف لايقوون على مواجهته منفردين أو جراء ظلم أو إجحاف في ظل ظروف الصراع والحرب والتخندق وسوء الفهم ، أو أي وضع إنساني يستحق المساندة ويستدعي التضامن معهم من قبل الآخرين ممن حولهم !!
المساندة وخلق تضامن معهم بعيدا عن أي تحيز وتعصب إزاء الضحايا والمغلوب على أمرهم، التعصب باشكاله المختلفة السياسيي والجهوي والجغرافي والفكري أو مذهبي أو عصبوي أو المناطقي ..الخ ..
سيما في وضع يشهد الوطن اليمني فيه انزلاقا حادا نحو الانقسام والتشظي والافتراق الحاد بين أطرافه وتخندق الأفراد والجماعات كل حول قناعاته ومصالحة بسبب ارتفاع حرائق الحرب والعدوان والاقتتال الذي يحصد أبناءه، نادرون أولئك الذين بترفع النبلاء وزهد العارفين يسارعون ادإلى تضميد الجراح التي يخلفها الصراع، ويعملون بصمت وإباء (يسارعون في الخيرات ) يبتغون وجه الخير ، لاتحركهم المصلحة الذاتية ولاتقودهم شهوة الكسب الشخصي الرخيص يسارعون للخير دون تفريق بين أوجاع والآلام الضحايا الذين لا يسمع صوتهم بما يكفي وقد يساء فهمهم في ظل لاصوت يعلو فيه على صوت المعركة ، انه صوت وعاطفة الإنسان الأديب أحمد ناجي أحمد أمين عام الحريات في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ، انه امتداد لسلالة من الأدباء الكبار رحمهم الله جميعا كعمر الجاوي ومحمد علي الربادي وعبد الله البردوني ويوسف الشحاري وعبدالعزيز المقالح وسلطان الصريمي، وعبدالله فاضل والوصابي، وفريد بركات وآخرون لايتسع المجال لذكرهم.. أولئك الرعيل من الآباء الكبار المؤسسين لأول اتحاد للأدباء والكتاب اليمنيين الذي ولد موحدا منذ نشأته في السبعينات من القرن المنصرم ، الذين كانوا صوت من لاصوت لهم من اليمنيين في ظل الصراع والاحتراب بين شطري الوطن اليمني سابقا!!
في زمن كان التشطير واقعا سياسيا وكان البلد محكوم بجمهوريتين شمالا وجنوبا وذات توجهين سياسيين متعارضين!!
كان هؤلاء يسارعون لتضميد النزيف في الجرح اليمني كلما أشتعلت الحرب بين الشطرين ويطالبون بنفس النبرة وبنفس الحرقة حكومتي الشطرين الحاكمة الإفراج عن الضحايا ويطالبون بإيقاف الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد.. ويطالبون حكومتي الشطرين بضرورة إدارة الظهر للقوى الإقليمية والدولية التي تستنزف دم ودموع أبناء اليمن وتسعى لإقامة أمجادها على على أشلاء وطنهم وشعبهم المنهك ولاتريد لليمن واليمنيين أن ينهضوا ويخطو للأمام .. تحية للأستاذ أحمد ناجي أحمد، هذا الإنسان والمثقف المتصوف الزاهد في حياته والمترفع عن فتات المصلحة الآنية،انه الصوت القادم من الزمن الجميل.. صوت يمني زاهد ومحب لكل اليمنيين أرضا وانسانا، ويتعاطى ويقف مع الضحايا من جميع الأطراف بمسافة واحدة،انه نموذج للإنسان المثقف الذي ينأى بنفسه عن الالتصاق الشديد بالذات والتقوقع حول نرجسيته وصنميته ، يشارك الآخرين حزنهم وتوجاعهم، ويتألم ويعاني بصمت بالنيابة عن ضمير كثير من اليمنيين الملتصقين بهويتهم وارضهم وأحلامهم بوطن خالي من الدم والدموع، ترفرف عليه رايات السلام والإخاء والتعايش والمحبة بين جميع أبناءه من أقصاه إلى اقصاه.