- طاهر شمسان
الأصل في المتدين البلطجي ليس التدين وإنما البلطجة، إنه بلطجي لم يستطع التدين أن يهذبه، وكلمة بلطجي هي حاصل جمع (بلطة + جي) كقولك دكانجي وجزمجي وقهوجي ومكوجي وخمرجي…. الخ والبلطة هي السَّاطور الذي يستخدمه البلطجي في ارهاب الناس وابتزازهم، وبلطة المتدين البلطجي هي تدينه الذي يستخدمه سلاحا ضد المغايرين له، والفارق بين البلطجي والمتدين البلطجي أن الأول يعي أنه بلطجي ويقر بذلك بينما الثاني ينكر هذه الحقيقة مستعينا بتدينه حيث تكون البلطجة قد ارتدت ثوب “الفضيلة”.
طاهر شمسان
وإذا كان البلطجي قابلا للعلاج وترشيد السلوك إذا توفرت له الظروف المواتية فإن المتدين البلطجي في الغالب حالة ميؤوس منها. ولهذا يكون البلطجي أقل خطراً بكثير على المجتمع من المتدين البلطجي، وفي هذا المقال نشير تحديدا إلى البلاطجة عبد الله أحمد العديني وابنه عبد السلام وإلى محمد الحزمي ومحمد مصطفى العمراني وإلى اليوتيوبر أسعد الشرعي، وهذا الأخير بلطجي كبير مع سبق الإصرار والترصد، أما لماذا هم متدينون بلاطجة؟ فلأنهم استخدموا تدينهم للإساءة والتشهير والتكفير والقذف والتعدي على أعراض يمنيات مؤمنات عفيفات نعرفهن جيدا..
كيف نتعرف على المتدين البلطجي؟
يكون المتدين بلطجيا إذا اجتمعت فيه كل أو معظم الخصائص التالية:
1-المتدين البلطجي يصر دائما على المطابقة بين تديُّنِه وفهمه الخاص للدين وبين الدين.
2-المتدين البلطجي يعتبر الاختلاف مع تديُّنِه أو مع فهمه الخاص للدين اختلافاً مع الدين وخروجاً منه وعليه وعدواناً على الله.
3-المتدين البلطجي يسعى دائما لفرض تدينه وتصوراته عن الدين وعن الأخلاق على غيره من الناس وعلى المجتمع كله سواء تعلق الأمر بالطقوس أو بالملابس أو بالعادات والتقاليد. إنه بكل بساطة يفرض نفسه مُشرِّعاً لما يجوز ولما لا يجوز معتمدا على محفوظات ومرويات يرددها حتى وإن تناقضت مع القرآن أو ليس لها وجود فيه.
4-نظريا يقر المتدين البلطجي أن الأصل في الأشياء الإباحة، لكن من الناحية العملية الأصل عنده هو التحريم اعتمادا على القياس الفقهي الذي يكثر من المحرمات قياسا على محرَّم واحد.
5-يتوهم المتدين البلطجي أنه الوكيل الحصري لله وللرسول وللإسلام دون أن يمتلك دليلا على ذلك سوى استعداده للموت من أجل هذا الوهم، وهذا يولد لديه أوهام الشعور بالعظمة وامتلاك الحقيقة المطلقة التي لا ينازعه أحد عليها.
6-المتدين البلطجي يقدم نفسه على أنه مكلف من الله بحماية الدين، وهذا يفسر لماذا هو لا يحترم القانون ولماذا هو مغرور ومتعجرف ولا يحتمل النقاش، ولماذا يذهب بسرعة إلى الشتيمة والعنف.
7-المتدين البلطجي يعتبر التطبيق العملي لتصوره عن الدين أفضل شيء في الدنيا “الفانية” وأحسن مُنتَج على وجه الأرض. وهذا يدل على أن المتدين البلطجي إرهابي بطبيعته وأن دخول الجنة عنده ليس مرتبطا بالعمل الصالح الذي ينفع الناس وإنما بفرض تصوره للدين على غيره.
8-المتدين البلطجي يعتبر تصوره الخاص للدين هوية شخصية يسعى لفرضها على المجتمع كله بما في ذلك الأقليات غير المسلمة وأي اعتراض على ذلك هو هدم للأسرة وللأخلاق وللدين كله.
9-الحرية عند المتدين البلطجي هي حريته الشخصية في أن يفرض تصوره عن الدين وعن الحياة على كل أفراد المجتمع وعلى النحو الذي يمكنه من السيطرة على الآخرين. والمتدين البلطجي إذا كان معتدلا وامتلك السلطة فسوف يبعث المخالفين إلى السجون، وسوف يقتلهم بدم بارد وخارج القانون إذا كان متطرفا.
10-المتدين البلطجي لا يجد أي مشكلة في هتك أعراض المختلفين مع تصوراته وفهمه للحياة وللأخلاق والطعن في شرفهم والتشكيك في إيمانهم وفي ضمائرهم. والمختلف مع المتدين البلطجي مستباح ومجرد من آدميته ومن حقوقه، وفي مرويات التراث يوجد ما يعين هذا البلطجي على تحقيق كراهيته وإشباع غرائزه. وعندما ينتهك المتدين البلطجي أعراض الناس فإنه يفعل ذلك دون أدنى حياء لاعتقاده أنه لا يفعل ما يفعل إلا من أجل مرضاة الله.
11-يحتقر المتدين البلطجي الأخلاق والقيم التي استقر عليها العالم المعاصر وفي مقدمتها منظومة حقوق الإنسان، بل ينظر إليها على أنها تهديد لدينه ولخصوصيته ومؤامرة غربية على الأمة وعلى عقيدة الأمة، وهذا يفسر لنا لماذا يصل المتدين البلطجي في خصومته مع المختلفين معه إلى أقصى درجات الانحطاط في القول والفعل.
12-المتدين البلطجي لا يؤمن بالقاعدة التي تقول “عِشْ ودَعْ غيرك يعيش” ولذلك هو شديد الاقتحام لخصوصيات الناس ويفعل ذلك بمنتهى الخسة والوقاحة والعنف اللفظي والفيزيائي.
13-المتدين البلطجي لا يستطيع أن يعيش بدون أعداء ولذلك هو دائم البحث عنهم، ينتقيهم بسهولة من بين المغايرين له، وأول شيء يفعله هو أن يضعهم في خانة العداء للدين ولله، ومن أجل ذلك نجده يمعن في الكذب والتدليس وتحريف أقوال المختلفين معه عن مواضعها وإخراجها من سياقاتها وتفسيرها كما يريد وتحميلها ما ليس منها.
14-بما أن المتدين البلطجي إنسان غير سوي فإن انعدام سويته يجعله يتصور الله على شاكلته لا شغل له سوى أن يخلق لنفسه أعداء يُمَتِّعُهُم في الدنيا ليتسلى بتعذيبهم في الآخرة. ولذلك لن يدخل الجنة إلا المسلم حتى وإن كان بلطجيا بينما ستذهب شيرين أبو عاقلة والطبيب الشهير مجدي يعقوب إلى جهنم ولن يشفع لهما إيمانهما بالله وباليوم الآخر وعملهما الصالح وسيرتهما الإنسانية العطرة.
15-يعتقد المتدين البلطجي أن الدولة إذا طبقت تصوراته عن الدين فإن المسلمين سيتحولون تلقائيا إلى ملائكة، ولكي يحدث هذا يجب أولا القضاء على “الأشرار” الذين يعيقون سعيه لاختطاف الدولة وطبعها بطابعه الخاص. وحتى تتحقق له السيطرة على الدولة سيظل المتدين البلطجي في حالة حرب دائمة ضد من يعتقد أنهم أشرار يجب القضاء عليهم، مع ما يترتب على ذلك من عدم الاستقرار وتهديد دائم للسلم الاجتماعي.
16-المتدين البلطجي لا يؤمن بالرابطة الوطنية التي تقوم على الأُخُوَّةِ في الوطن (الدين لله والوطن للجميع)، ولا يؤمن إلا بالرابطة الدينية التي تقوم على الأُخُوَّةِ في الدين، وعنده المسلم الأفغاني أقرب إلى المسلم المصري من مواطنه القبطي الذي يشاركه حقوق وواجبات المواطنة ويقاسمه أفراح الوطن وأتراحه. ولهذا يحرِّم المتدين البلطجي زواج المسلمة المصرية من مواطنها القبطي، ومثله يفعل المتدين البلطجي القبطي عندما يحرِّم على القبطية المصرية أن تتزوج من ومواطنها المصري المسلم. إنها عنصرية مقيتة يمارسها المتدينون البلاطجة في الضفتين مهددين الوحدة الوطنية لبلدانهم.
17-يعتقد المتدين البلطجي أن الدين غاية لذاته وفي ذاته، وعنده أن الناس في خدمة الدين وليس العكس. والنتيجة العملية التي تترتب على ذلك هي وقوع الناس كلية تحت سطوة رجال الدين.
18-يعتقد المتدين البلطجي أن الكذب جائز وحلال إذا كان من أجل الله.
19-يعتقد المتدين البلطجي أن الله كائن سياسي له أجندة لا يستطيع أن يحققها إلا بواسطة الدولة. وبما أن الله لن ينزل من عليائه لممارسة هذه المهمة فإن المتدين البلطجي هو من سيتولاها نيابة عن الله.
20-المتدين البلطجي ينظر إلى الوطنية على أنها بدعة وأن من يُقتلُ في سبيل الوطن ليس بشهيد، والشهيد عنده هو الذي يقتل في سبيل العقيدة فقط.
21-المتدين البلطجي يشعر بالهزيمة أمام العصر، لكن ليس لديه وعي بأسباب هذه الهزيمة، وإن وعى لا يملك القدرة على مواجهة ذاته وإعلان موقف جديد والذهاب إلى قطيعة أبستمولوجية (معرفية) يتجاوز فيها ماضيه إلى روح العصر دون أن يتخلى عن دينه.
22-المتدين البلطجي يقدس الماضي ورموز الماضي وعقول الماضي ولا يرى عزَّه إلا في الماضي ويتمنى عودة الماضي، بل ويعمل من أجل ذلك.
23-المتدين البلطجي يشعر بالغربة عن عالمه ويعجز عن الالتحاق بالحضارة المعاصرة، وفي الوقت نفسه يحلم بالسيادة على العالم وقيادته، ومن أجل تحقيق هذا الحلم لا يملك أية خيارات سوى تعميم وفرض تدينه على شعوب العالم. ولهذا نجده منشغلا بعدد الذين أسلموا في أوروبا وأمريكا وبعدد المنقبات والمحجبات في نيويورك وباريس وروما ولندن ويجد في هذا نوعا من العزاء لأن النقاب والحجاب شارتان سياسيتان تحيلان إليه. وحيثما يحضر النقاب والحجاب يرى المتدين البلطجي أن في ذلك دليل على حضوره وحضور أيديولوجيته ولهذا كثيرا ما يثير الزوابع حول هاتين الشارتين ويرفعهما إلى مستوى الفريضة الدينية ويتمنى لو استطاع أن يضيف إلى القرآن “كتب عليكن النقاب” و”فرض عليكن الحجاب”.
24-المتدين البلطجي يعتقد أننا إذا نمنا واستيقظنا وقد أسلمت أوروبا فإنها ستتخلى عن ثقافتها وسَتُقبِلُ على ثقافته، وأنها ستحطم تماثيل ومتاحف رموزها الفكرية والثقافية وستحرق كتبهم وستحتفي بدلا عن هؤلاء بالبخاري ومسلم والشافعي وابن حنبل وابن تيمية، وستغرق مدارسها وجامعاتها بكتب الصِّحاح والمسانيد والسُّنن، وستضع جامعة الزَّنداني على رأس أفضل الجامعات في العالم قبل هارفارد والسوربون وأكسفورد.
25-المتدين البلطجي يعتقد أن أوروبا إذا أسلمت سوف تتخلى عن عقلانيتها وعلمانيتها وعن قوانينها الوضعية وستأخذ بدلا عنها بفتاوى ابن تمية وابن عبد الوهاب وابن عثيمين وسوف تقطع يد السارق وستقتل المرتد وستجلد شارب الخمر وسترمي الزانية المحصنة بالحجارة حتى الموت وستفرض النقاب على النساء وستبيح زواج الصغيرات وستحول كنائسها إلى مساجد مزودة بمكبرات الصوت.
26-المتدين البلطجي يعتقد أن أوروبا إذا أسلمت سوف تطرد أمثال مروان الغفوري وأيوب الحمادي وطارق المقطري ومصطفى العبسي وعبد الرب سروري وإلهام مانع وستأتي بدلا عنهم بأمثال محمد الحزمي وعبد الله العديني وعارف الصبري ومحمد عبد المجيد الزنداني وزينب الزنداني.
27-المتدين البلطجي يعتقد أن معرفة القرآن غير متاحة إلا له ولمشايخه ورموزه وأنه ليس من حق أحد أن يقترب من المصحف إلا إذا كان بلطجيا بدرجة “عالم”.
28-جمهور المتدين البلطجي هم في الغالب أميون وأشباه متعلمين. ولذلك لا يتذكر القارئ اللبيب حالة واحدة رأى فيها متدينا بلطجيا يحاور مثقفا أو يحاضر
أمام مثقفين.
29-المتدين البلطجي مشكلة كبيرة وخطر حقيقي على بلده ومستقبل شعبه.