- كتب: فارس العلي
الإنمساخ ، قبل أن يمر بالتحول من الصورة الطبيعية الى الصورة التي يوجدها عن نفسه او نوجدها نحن له، يمثل تحدي للسجية التي اعتادها الناس في سلوكياتهم ومظاهر تناولاتهم العلائقية في اطار حياتهم ، والذي “الإنمساخ” يحضر بمفاهيمه الشاذة لكسر تنظيمية روتينية السلوك العام، ويأخذ بالتجريب والمغامرة وتجريد ماوراء نفسية المظاهر لكشف خدع الوعي الجمعي متحررا من مراوغة لغوية شائعة استمدت قبولها عبر مراكمة في التجربة الاجتماعية لتصبح الصورة الطبيعية نوع من الوجود المقدس تمارس عملية سيطرة على المفاهيم المقابلة وتحور سلوكياتها مضيفة للفهم ما يجعلنا أن ننظر “للمسخ” بتقزز رهيب مع ان هذا الإنمساخ قد تنطوي عليه الحقيقة التي ننظر لها بشكل مسبق ومشروط مقرين بوجودها في الأشياء التي تعودنا استحسانها..
قوة الإنمساخ لا تكمن فقط في قبوله للصورة البشعة التي أنتجناها له، وانما ايضا في قدرته العاليه على الهجانة والمجانسة والتنوع الذي يحاول أن يصبح شكلا مميزا في الوجود، لكن بصور تنتجها طريقته الواعية بالتجربة التهجيرية التي عانى منها وشعر بألمها اثناء انتقاله إلى مناطق حدودية ما- بين – مفاهيم الهوية الأصيلة التي رفضته وادعاء النقاء المحظ الذي تعتاش منه.
وفي السياسية توظف الانظمة القومية الإنمساخ، ضمن تكريس خطابها في الصورة اليومية لإحضار شعور الإنتماء، كأغنية السلام الوطني التي نشعر أثنائها بنوع من الحميمية وجذب الجذور، بينما يقف الفساد والاستبداد خلف إيقاعها، وأي مقاومة لذلك يعتبره النظام مسخ.
نعود للتحول من الصورة الطبيعية إلى الصورة الغير طبيعية التي تعبر عن آخر مميز، مثل العبقرية والقدرة على الابتكارات الابداعية، وكل الإنتاجات التي نعتبرها خارج سياق الفعل الطبيعي، إذ يصبح الطبيعي غير لافت بسبب وجوده وتأثيره العادي، و يهمنا هنا التصورات التي يصبحها الإنمساخ في طريقة تسربه، من صورته الطبيعية في الحالة السياسية والثقافية ليعبر عن نفسه خارج الهوية القومية، متخففا من ادعاءات نزعة الاصطفاء عندما يكون مُهجر ومنبوذ، حيث يتنامى ذلك الشعور بخذلان التوطين في النواحي المحلية، قبل أن يمتسخ بسبب تصلبات عادات وتقاليد المجتمع ضمن محاولتهم تعميم سلوكيات تتشابه في معظم الحالة لصالح أُحديه ثقافة مهادنة تكرر ذاتها.