- كتب: نبيل الشرعبي
مذ بدأت أعي ما أسمع وفي مساءات طفولتي، كنت أنتظر بشغف كبير جوار الراديو سماع صوت قادم من الأراضي الفلسطينية المحتلة، لينقل لنا أبرز أحداث اليوم.. وبشقاوة طفل كنت أقلد ديباجة اختتام هذا الصوت لتقريره اليومي “شيرين أبو عاقلة” مرة من رام الله وأخرى من بيت لحم ومن نابلس وجنين و….إلخ..
السلام والرحمة والخلود لروح الصحفية شيرين أبو عاقلة، ولاسرتها والأسرة الصحفية خالص العزاء والمواساة..
كبرت وكبر معي توغل هذا الصوت في ذاكرتي، واتسع عبقه في وجداني وعلى مدى حوالي ثلاثة عقود من الزمن، كان هذا الصوت يتحسس ذاكراتي على الدوام من خلال التغطيات الميدانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة..
طوال إقامتي في ريف بلدتنا، كنت اتخيل ملامح شيرين لروحها السلام، فلم يكن متاح سوى الراديو، وفي أول مشاهدة لاطلالتها من على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية مطلع العام 2000، تأكد لي سر عبق هذا الصوت والحضور المميز في عالم الإعلام.. إنها” شيرين أبو عاقلة” لروحك السلام.. صوت الجرح في ذاكرتنا..
اليوم الأربعاء الموافق الحادي عشر من شهر مايو 2022، وبعد عودتي ليلة أمس من بلدتنا الريفية إلى العاصمة صنعاء متعب ومرهق من عناء الطريق غرقت في النوم طويلا ليوقظني قبيل ظهر اليوم الزميل مبارك اليوسفي، وكان أول ما حدثني به هو الصحفية “شيرين أبو عاقلة ” قتلت اليوم.. لزمت الصمت، ورفعت الوسادة من تحت رأسي وغطيت بها وجهي واذني حتى لا أسمع مزيد من التفاصيل.. فقد اغتالت رصاصة عار صوت الجرح في ذاكرتنا.. الصحفية “شيرين أبو عاقلة ” لروحها السلام..