- كتب: مبارك اليوسفي
بعد أن انقطعت مرتبات موظفي الدولة أواخر العام 2016، قررت تهاني عيضة بيع ما تملكه من مجوهرات وأشياء أخرى ثمينة واستدانة بعض الأموال من أصدقاء لفتح محل تجميل نسائية، بهدف إعالة أسرتها ومساعدة زوجها المنقطع راتبه، تقول تهاني أنها ظلت طوال الأعوام السابقة تعمل في المحل بمساعدة أحد صديقاتها ولم تكن تكسب الكثير، حتى بدأ الوضع بالتحسن وكسب العملاء، لكن هذا الحال لم يستمر، إذ أن موجة كوفيد19 التي عصفت بالعالم أثرت عليها بشكل كبير، وتشير إلى أن قرار إغلاق محلات الكوافير أثناء الجائحة أثر عليها بشكل كبير، حيث تحملت إيجارات أكثر من 6 أشهر بينما كان المحل مغلقا بسبب الجائحة، بالإضافة إلى تحمل مسؤوليات البيت وما تحتاجه من مصاريف، ورغم أنه قد مر حوالي عام كامل على قرار إعادة فتح محلات التجميل النسائية، إلا أنها لم تستطع دفع إيجارات بعض الأشهر حتى الآن بسبب تردي الوضع.
وتشهد اليمن حربا مأساوية منذ حوالي 7 أعوام، انعكست هذه الحرب على حياة ملايين اليمنيين، لاسيما النساء وهي الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع اليمني، ولم تستطع المرأة اليمنية تحمل عبائات الحرب حتى جاء فيروس كوفيد 19 والذي فاقم تلك المأساة وزاد من وضع النساء لا سيما العاملات في مختلف المجالات، وكون المرأة تعيش في إطار مجتمع ذكوري متسلط
يحرمها من ممارسة غالبية الأعمال بحرية، وفقا لعادات وتقاليد المجتمع السائدة، التي تضع المرأة اليمنية في إطارات محدودة تزيد الخناق عليها يوما بعد آخر، انعكس بشكل كبير على حياتهم الإنسانية.
وفي العام 2020 عقب فترة الحجر الصحي الذي فرضته السلطات في صنعاء ومختلف المناطق الأخرى والتي أثرت بشكل كبير على سير العديد من المتاجر والأعمال وتوقفت عن العمل لفترة من الزمن التزاما بقرارات السلطات في مختلف مناطق البلاد، لكن كان هناك تمييز بشكل مباشر لأعمال النساء مقارنة بأعمال الرجال، حيث قامت السلطات بإغلاق جميع محلات التجميل النسائية، والتي أثرت بشكل كبير عن فئة كبيرة من النساء العاملات بهذا المجال.
وكانت قد لجأت حكومة صنعاء إلى اتخاذ قرار الحظر وإغلاق بعض المتاجر وتعليق العمل في العديد من الأعمال ومنها محلات التجميل النسائية في ال 22 من مارس/آذار من العام الماضي 2020، وذلك من أجل الحد من انتشار فيروس كوفيد19 عقب ظهور عدد من الحالات المصابة في صنعاء وباقي المحافظات اليمنية، من أجل الحد من وباء يهدد حياة الكثير من الأشخاص في بلد يعاني من تدهور النظام الصحي.
مصدر دخل مهم
وفاء حسين لم تستطع دفع مرتبات العاملات معها وإيجارات المحال والبيت التي تسكن فيه، تعول وفاء 6 أطفال منذ توفي والدهم قبل 9 سنوات، وهي المسؤولة عنهم، وتقول أنها ظلت تبني مشروعها (محل تجميل الأعراس) منذ مرض زوجها قبل توفيه قبل حوالي 11 عاما، وكان مصدر الرزق الوحيد لها ولأفراد أسرتها، لم تستطع توفير مما تكسبه شيئا بسبب الوضع وزيادة الخرج وقلة الدخل، لكن كانت تصرف رواتب أربع عاملات لديها و تسدد إيجارات المحل والبيت وتصرف على أطفالها حسب قولها، وتشير إلى أن قرار إغلاق محلات الكوافير تسبب بتراكم الإيجارات واستدانتها بمبالغ كثيرة من أجل أن تصرف على المنزل وحتى الآن لم تستطع تسديد ما عليها من ديون، وتؤكد على أن قرار إغلاق المحلات الخاصة بالنساء دون إغلاق محلات التجميل الرجالية يعتبر استهداف لعمل المرأة بشكل مباشر، وقد سبب ضررا كبير للكثير من النساء العاملات في هذا المجال.
حملات تعسفية
الجدير بالذكر أن السلطات أصدرت تعميما بإغلاق صالونات التجميل النسائية وصالات الأعراس والمولات في كل مكان حتى إشعار آخر، بينما اكتفت بإشعار محلات التجميل الرجالية ببعض الشروط التي يجب أن يتم تطبيقها دون إغلاقها، الأمر الذي جعل الكثير من النساء تفكر بأن هذا القرار كان يستهدف المرأة وعملها بشكل مباشر، لاسيما أن السلطات في صنعاء كانت قد أطلقت حملة إغلاق عشوائية لمحلات التجميل النسائية ومحلات الملابس النسائية والكافيهات في يناير من العام 2018، بالإضافة إلى إلزام صاحبات محلات التجميل بدفع جابيات ومبالغ كبيرة، وذلك بغرض بغرض تضييق الخناق ومحاربة المرأة وعملها حسب ما يراه البعض.
وتعمل شريحة كبيرة من النساء في مجال التجميل في صنعاء ومختلف المدن اليمنية وكذلك القرى، لاسيما بعد أن تم ايقاف صرف المرتبات إذ لجأت الكثير من النساء لفتح مشاريع خاصة والكثير اخترن مجال التجميل، وذلك من أجل إعالة أسرهن وتوفير ما استطعن توفيره من دخل قد يكن غير مجزي بالنسبة لكثيرات، لكنه يعتبر مشروعا مهما ويعود بالدخل لمئات الأسر في بلدا يعاني 80% من سكانه من الفقر المدقع حسب توصيف منظمات محلية ودولية.
وتعتبر الصحفية والناشطة وداد البدوي أن سلطة صنعاء استخدمت كورونا من أجل الوصول إلى بعض أهدافها من ضمنها إغلاق محلات الكوافير والكافيهات والتي كانت تسعى السلطة إلى إغلاقها بالكثير من الوسائل والأعذار من ضمنها مسألة الاختلاط والضجة التي تسببت بها في فترات سابقة، وقد تم إغلاقها فيما بعد تحت مبرر كورونا، في المقابل لم تقم السلطة بإغلاق أي مكان كان يتم به الاختلاط مثل المساجد والأماكن العامة والأسواق وغيرها، ولم تتوقف المهرجان العامة التابعة للسلطة في تلك الفترة، وتشير البدوي إلى أنه كان هناك محاولات كثيرة لإغلاق محلات الكوافير من قبل، والمحلات الخاصة بالسيدات، والذي حصل أن الفرصة جاءت لاستخدام كورونا من أجل إغلاق محلات الكوافير، ولم يتم مراعاة أي ظروف قد تحدث للعاملات في هذا المجال ، ولديهم مبرر عالمي عن هذا التصرف، وفي نفس الوقت لم تعترف السلطة عن وجود كورونا في صنعاء أبدا، وهناك تصريحات كثيرة من السلطة تنفي وجود كورونا في صنعاء، إلا حالات وتم القضاء عليها، وتشير إلى أن مسألة إغلاق محلات الكوافير جاءت نتيجة أغراض تسعى السلطة لتطبيقها وتضييق الخناق على المرأة فيما يخص جانب الحقوق والحريات.
لم يشعر الناس في صنعاء بوجود كورونا إلا عند إغلاق الكوافير والكافيهات فقط، والذي كانت تسعى لها السلطة من قبل تحت كثير من المبررات الواهية، ومؤخرا تم إعادة فتح والكافيهات تحت شروط معقدة من ضمنها منع اختلاط النساء بالرجال، وهناك كافيهات كثيرة لجأت إلى فتح قسم خاص بالنساء فقط.
- تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.