- كتب: فارس العلي
رغم المحاولات الجميلة من كرامة مرسال إلا أن (شل قلبي معك ما افارقك)، فاتحة مواعيد تذكرها ابوبكر لتوه، صوت الفوارق والمفارقات يقفز كرامة بريم اليمن (ويتهقى) بداية مقام يعلو سماوات بالفقيه وهو سماوت التعاريش ومنتهى المووايل..
شل قلوبنا وانطرحت أصداح هذه المواجيد موجعة الأفئدة، حينما تعود لذكرى منكأة أزمنة وأسربة تشبه مطر بادية خبأته عين وأحاسيس خاصة كل بطريقة تشبه تنيدة مخبوئة تستعمل فجأة لتشيع متنفسات صدور كل الحضور..
تتولانا أغنية بنغمة شحارير حضرمية تزهر بحرقة يلتبس الدمع فيها بالبهجة، كنت هناك أثناء رحلة غير متوقعة مررت بشبام في حافلة سياحية، خُيل لي وانا أُسمِع كل من في الباص السياحي حفلات أبوبكر الرفيق الذي شل قلوبنا، أتنظر مفاتن الهواجس كلما مددت عيني لبيت طيني تجاوز الألفين عام، واستدرك بعجابة متسائلا ومجيبا على صمود الطين أمام الزمن، يمكن للحب والموسيقى والنقاء أن يتكوم في سديم الأدلة فنظهر هكذا بصفاء واخضرار اللحظة.
كنت احلق بريم اليمن وعندما وجدت نفسي قرب سيئون وصديقي سائق الحافلة ومعاونة الرائعين يتكاثرون وكثير من نسوة والرجال بكل أحاسيسهم يصفقون في ذؤابة السعادة، وكأننا نحلق قبل نحط رحالنا في سيئون.
هنا تنفتح فجأة (ليال الأنس في سيئون) أغنية ونحن في مشارف شهقة الاستمتاع نمضغ (قاتنا) بين ليلى ومجنون) بكيف مذارع بلفقيه، عالقين في صميم نغمة متخلقة في حين المسامر.
كانت سيئون أغنية عظيمة في مخيال شاب قادم من ريف حجة ليعاقر وطن وينتشي به في سيئون، يمتطي أبوبكر هذا سحابة سيجارة انفخها وسائقي الحافلة الذين أقدموني من آخر الحافلة إلى المقعد الأول بتوصية ونطلق هوائها سويا مع ركاب أدمنت رئاتهم أول أكسيد الكربون، وأنا في بالي تبغ حضرمي أستنشق كون مخيلاته، لدرجة أن افهم كيف يمكن لإنسان أن يشل قلبك ولا تفارقه…!
وصل قلبي لسيئون وأبوبكر يغني بالعود في مقتبل شبابه (يارعى الله ليال الأنس في سيئون)، كنا جميعا مسك هذا الإحساس ونظرة الأرض الطيبة وقلوب أهلها في يوم الأحد تخاطر أي جمود وتنتقي أعبق ما في
ذكرتنا بلادي.. ذكرتنا يسيئون … دمعت عيني ..في الحقيقية، لم تكن عيني بل كان فيض وجدان يمني موجوع وممزق بينما يتذكر مسافة طريق على مدى يومين بدأت بمحافظة حجة وانتهت في سيئون وخلال هذا التنوع ببلاد عظيمة تنحسر خلسة أحاسيسك بمواقف لصوص وأعداء هم لك أخوة وعلى طول الطريق ينشرخ قلبك..
وصلت سيئون الحبيبة وسكنت جوار قصر الملوك وابيض قلبي كما قصر سيئون، الكثيري ومدينة (الطويلة)، أغنية لجمال خلاب فهمت فيها حشرجة الفنان الكبير بالفقية، كانت قامتي تعلو أصابع السماء وكان دمي مهد ختام للحظة آخر انسان في درب التبانة.
رعى الله ليال الأنس وسط سيئون…