- كتب: ضياف البراق
أحلى وأجمل شاعر يمني عاطفي وطني هو عبدالله عبدالوهاب نعمان (والفضول لقبه الشهير). هذا الشاعر الذي أعطى قلبَه وضميرَه للحياة والوطن والمرأة وكل جماليات ومعالِم الطبيعة. هذا هو الشاعر الرومانسي الثائر الجميل والضرويّ، مثل نور الشمس لا غنى عنه البتة. هذا هو العاشق المتوقِّد حتى الأبد. وهذا هو الأستاذ والمدرسة في الوقت ذاته.
أمّا وطنيّته الفريدة فلا غُبارَ عليها.
هذا هو شاعر الوطن والشعب والحرية الإنسانية الشاسعة. ثم إنه كان أكبر من زمانه، لا شك في هذه الحقيقة. إنّي هنا أتحدث عن هذا الرجل الحقيقي الذي عاش طيلة حياته جميلًا، وشامخًا، كأنه ذلك النسر الواقف بهيبة كاملة فوق أعلى قمة. فمن ذا الذي لا يعشق الفضول، كاتب نشيدنا الوطني المرموق!
إني أحبه وأحترمه وأستضيءُ به دون انقطاع..
إنها الشِعريّة النعمانية أو الفضوليّة ذات الطراوة العالية، العذبة، الخضراء، الرشيقة والكثيفة معًا، الممتلئة بشهوة الحياة والعشق والنقاوة، الجذّابة والفيّاضة، الخالية من الثرثرة والكآبة والبهارج الكاذبة. واهًا، كم كان شاعرًا بسيطًا وعميقًا وكريمًا، تمامًا مثل هذه الطبيعة اليمنية الخلّابة في مواسم الأمطار والخصوبة والعطاء.
نقرؤه في الندى، في رائحة الطين في الحقول، في الشبابيك يدخل منها الهواءُ النقي والصباحُ الجديد، في السواقي والوديان، في أغاني أيوب طارش، في معاني ومبادئ الثورتين، سبتمبر وأُكتوبر، وفي أبجدية وحدة الوطن. وهو هذه الينابيع كلها معًا. هو يُفجِّر الينابيع، وأيوب يسكبها في أعماقنا، بعذوبة صوته وسحر ألحانه، فنسكر حتى الثمالة.
أجل ونَعَمْ، لقد أعطانا عمره كله، وأشعاره كلها، وأفراحه وأتراحه، وعاش مناضِلًا كبيرًا من أجلنا نحن أبناء هذه الأرض العريقة، الأرض التي عاش شاعرنا يعانقها بكل جوارحه، يذوب فيها غَرامًا، غارقًا حتى جذورها.. هذا النجم الذي جعلتنا قصائده الناضجة نعشق الجمال والحب والنضال والأمل وتراب الوطن وأعماقه..
كان ولا يزال ثروة شعرية حقيقية تُضيء حياتنا يومًا بعد يوم، وجيلًا وراء جيل.. هو ثورتنا الجماليّة التي لا تنطفئ ولا تموت.. إنه أصدق من كتب شعرًا وجدانيًا للوطن والشعب والفن وكل الأشياء الحلوة.. فيا له من إنسانٍ يمانيٍّ عظيم!
وكان ذا ثقافة قوميّة عظيمة أيضًا.. بل كان الأرضَ كلها. ولا يزال صوته، رغم الغياب، يجمعنا ويُوِّحدنا ويروي عطشنا الروحي. وكانت روحه الخلَّاقة النقيّة صوفيًّةً بامتياز.
هو النقي أكثر من الثلج، هو الكوثر الذي لا ينضب.
وأخيرًا، السلام والمجد والصلاة إلى روح فضولنا الخالد.