- مصطفى ناجي
أول مهام الدولة هي “الدفاع على الناس من الناس”، وهي بهذا تكتسب شرعية احتكار العنف وشرعية إستخدامه بتفويض من الجمهور لصالح بناء وحفظ النظام العام وتطبيق العدل.
كيف تمر فكرة ان النظام وافق على عودة عبد الله عبد العالم ومعارضين آخرين إلى البلاد سبق وحوكموا كمتمردين متنازلا عن الحق العام ولكنه لم يضمن لهم أي رد فعل من أهالي الضحايا.
هذه ليست دولة انما منظومة لتربة الحقد العام، لقد غافل هذا النظام الفاعلين والضحايا في آن واحد. وتتضح عبقرية هندسته في السيطرة الاجتماعية وتسمين الكراهية والأحقاد عبر أحداث سياسية.
أمام أحداث الحجرية 1978 وهذه أحداث لست جنائية صرفة إنما سياسية بامتياز، وقياسا بأحداث أخرى سياسية أيضا وأكثر منها بشاعة من حيث الكم فإن هذه الأحداث ما تزال جرحا مفتوحا لا يراد له أن يندمل واحدى أدوات تفخيخ حياة أبناء الضحايا -وكلهم من منطقة واحدة – بالرغبة الثأرية بالتالي تفكيك المجتمع المعني وإعجازه عن لم شتات نفسه وتكوين كلتة اجتماعية قادرة على الحصول على حقوقها الاقتصادية والسياسية في المجتمع الكلي.
مع الوقت تظهر القيمة الجامعة لهذا الحدث في ضرب النسيج الاجتماعي، في حادثة تداخل فيها فاعلون كثر حزبيين (الاشتراكي والناصري)، ودولتيين (نظامي الشمال والجنوب) ، وعسكر (بعيداً عن جهاز الدولة البيروقراطي) لم يبقى منهم في الصورة غير عبدالله عبد العالم.
أمام تلاعب وتساهل النظام الذي هيمن على المشهد لمدة تزيد على ثلاثة عقود، بل أن هيمنته هذه مرتبطة بشكل وثيق بتلك الأحداث، يؤسفني استسلام أهالي الضحايا إلى الرغبة الثأرية خارج إقرار القانون. أنا شخصيا مع أهالي الضحايا في إنفاذ القانون الحصول على حق الاقتصاص بعد محاكمة عادلة، لكني لست معهم في أن يتحولوا هم ادإلى محكمة وإداة تنفيذ لأننا بهذا نشيع العنف ونكرر دورته ونستديم الاقتتال.
معرفتنا الكاملة بتفاصيل جريمة ما لا يرفع هذه الحقائق إلى دلائل قانونية وامتلاك حق تنفيذ القانون. هذه أبجديات تشكيل المجتمع على أسس قانونية.
ربما أكون متخففا من ألم الفقدان لطالما ليس لي من بين الضحايا قريب كأب أو عم أو خال. لكن هذه الأحداث هي أحداث شأن عام وهذا يعطيني الحق في تناولها والكتابة عنها.
كيف يمكن إستطالة هذا الحدث في ثقافة تدعو إلى العفو عند المقدرة؟