- كتب: سلطان عزعزي
صادف يوم الثلاثاء 30 من نوفمبر افتتاح معرض الفنانة التشكيلية هالة الزريقي – الذي اقيم في صالة بيت الثقافة ويستمر حتى 6 ديسمبر،الذي نظمته الهيئة العامة للكتاب ورعاية وزارة الثقافة.
أحتوى المعرض على عدد من اللوحات الفنية التي عكست ملامح تجربة الفنانة المبدعة-هالة الزريقي،وشغفها الفني اللافت باستحضار موضوعاتها الفنية وفضاءها البصري من البيئة اليمنية، حيث استطاعت أن تعكس فنيا عالمها البصري بإستحضار إبداعي مايز للأمكنة والوجوه والمعالم والشواهد بروح متوهجة وتميز واقتدار ملحوظ، وبرؤية فنية تشي بتصالح وانسجام داخلي مع المحيط وموضوعات اللوحات .. فهي تعيد خلق الأمكنة بروح تعكس قدر هائل من التصالح والانسجام بين ذات الفنانة ومحيطها في اللوحات..
روح تميل استقدام موضوعات بيئتها بقدر كبير من التناغم ، تعيد إنتاج المكان كفسحة للأمل و نافذة التفاؤل وفضاء للبهجة .. لتفتح فضاءات للتفاؤل والحلم، تحاول الكشف واستكناه مايختزنه المحيط من جمال وايقاع يستدعي الاكتشاف والإدهاش معا..
هالة الزريقي لاتغرق لوحاتها في عوالم من الرموز ولا تمنح الوجوه في لوحاتها قسوة الحياة والمحيط انعة تجاهد ان لاتدعهم عرضة تنهشهم أظافر الاحساس بالغربة أو تمضغهم مشاعر الرفض.. بل تضفي عليها مسحة من الرضى والتناغم مع محيطها، وتتجسد علاقة الشخصية بمحيطها عبر ذالك الإيقاع اللوني الهادئ والمريح الذي تزخر به اللوحات، وكأن اللوحات تشكل على تنوع موضوعاتها ايقاع لمعزوفة واحدة.
(2)
إن الرؤية الفنية للفنانة هاله الزريقي في اللوحات لاتجنح باتجاه الإيغال في الترميز والتعقيد بقدر ماتسعى إلى تقديم رؤية بصرية ذات إيقاع لوني وتصويري واقعي مايز ذات نكهة وايقاع خاص.. تتماهى الفنانة هالة الزريقي مع موضوعاتها التي تستقيها من البيئة المحلية، أمكنة ووجوه ومعالم تاريخية وأثرية وواجهات ومشاهد عدة قد تبدو للوهلة الأولى شديدة الواقعية، وكأنها تقوم بوظيفة التصوير الفوتوغرافي المحض.. على الرغم مايستدعيه هذا البعد من قدرة وإمكانية فنية عالية الاحتراف ،لكن هذا الانطباع الأولي عند مشاهدة اللوحات قد لايصمد أمام التأمل والتدقيق في جنبات اللوحة، حيث يتداخل الواقعي بالفوتغرافي بالانطباعي ممزوجا بإحساس الفنانة وهي تستنطق الوجوة وتستقدم رؤيتها رؤيتها الفنية للأمكنة.
تتميز لوحات الفنانة هالة الزريقي في ذلك الكم من الإحساس المريح والاسترخاء البصري التي تمنحه عند مشاهدة لوحاتها، فثمة عناق حميم واحساس ملحوظ بالتصالح والانسجام.. ينبعث عبر ذلك الإشعاع والطاقة الذي يكتنزه الايقاع اللوني المتدرج في اللوحات والتوزيع المريح للخطوط والتعابير الذي نستشعره في اللوحة، فثمة وجوة في اللوحات تبدو وكأنها تتهيأ لتتحدث معنا أو لتقل قصتها ثمة شعور خفي يشيء بأن بعض الوجوة ..تود أن تستوقفنا لتحكي قصتها الخاصة كما في لوحة الفتاة، والعجوز، وبائعة الجبن ، أستطاعت الفنانة أن تستقدم ايقاع خاص لبنية المكان في لوحة باب اليمن ويلحظ ذلك عبر إيقاع لوني صاخب على جهة اليمنى لباب اليمن من اللوحة وايقاع باهت لنفس الجهة المقابلة، لتعكس حالة تنتزع المشاهد لتأمل مفارقة إيقاع متدرج، ونزوح ايقاعي في امتزاج لوني لإيقاع الضوء والظل (لوحات. ويتكرر هذا الملمح في كثير من لوحات المكان في المعرض.
تتتميز لوحات هالة الزريقي في ذلك الشغف في التعلق بجمال وروعة المكان، ومنحه مساحة ملفتة في لوحاتها ، فتحضر الأمكنة بهية متدفقة بايقاعات لونية بهيجة.. تعيد إنتاج صورة الأمكنة ببهاء إضافي، مختلف ينتزع المكان من صورته التقليدية إلى صورته الفنية والجمالية كما يتجلى في الاحساس الجمالي وتمثله الإبداعي في وعي الفنانة.. أستطاعت أن تستقدم عدد من المعالم التي تتميز بها اليمن من محافظات مختلفة..وتجلى ذلك في لوحات.
استطاعت الفنانة هالة الزريقي أن تستدعي اليمن الأمكنة، في لوحاتها معالم من المحافظات المختلفة وتستدعي الوجوه وتجنيساتها العمرية ومراتبها الاجتماعية فاستدعت الملكة بلقيس، واستدعت بائعة الجبن واستدعت الطفلة التهامية، بفوارق لونية لتعمق احساسنا، بالفارق الإنساني والمكانة الاجتماعية والاقتصادية لكل شخصية في اللوحة.
(3)
كما أن ثمة ملمح شديد الحضور والخصوصية تميزت به الفنانة هالة الزريقي ، ثمة حضور مايز واقتدار ملحوظ في القدرة على التصوير والرسم واستدعاء التفاصيل، حيث يبدو وكأنها لاترسم بالريشة بل كمن يحفر بئر عميقة بإبرة خياطة اذا تبدو الدقة في رسم بعض التفاصيل حاضرة بل شديدة التصوير، كما في صورة الفتاة ذات القميص الأخضر.. لايخالط من يطالع اللوحة بأن شعر الفتاة يضاهي دقة الصورة الفوتوغرافية ، وحضر هذا الملمح في صورة ذلك العجوز على الذي يجلس حيث بدت الدقة في رسم تفاصيل الوجه والملابس شديدة التفاصيل.
(4)
تبدو الأمكنة نابضة في اللوحات، يتواشج الواقع بمسحة تأمل هادئة ترسلها الوجوةه في اللوحات، وتنتظم اللوحة في تناغم داخلي وتوزيع مدروس للكتلة اللونية وتدرجاتها بدقة.. لوحات هالة تعيد رسم الدهشة في وجوهنا والمتعة في أبصارنا والتحليق والشغف إلى خيالنا..
هالة ترسم لوحاتها من زوايا الأمكنة وتنفتح على احساس إضافي بالضوء.. يمنحنا إحساس كبير بالمتعة والدهشة معا، لوحات لاتعكس إحساس بالتوتر البصري بقدر ما ترسل إشارات جمالية قادرة على انتزاع الأثر الفني المدهش لدى المتلقي .