- كتب / فواز الحمادي
أدى تصاعد النزاع المسلح في أواخر عام 2014 إلى تفاقم الوضع المتردي في اليمن حيث واجهت النساء والفتيات إجراءات تمييزية زادت من نسب تعرضهن للعنف يضاف إلى ذلك أن تصرفات بعض الأطراف المتحاربة أدت إلى نزوح النساء بأعداد كبيرة فتفاقم العنف ضدها بشكل أكبر وفي هذا السياق تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن العنف ضد المرأة ازداد بنحو 63% منذ تصاعد النزاع في وهذا يعني المزيد من حالات الاغتصاب والعنف المنزلي والزواج القسري وزواج القاصرات إلى جانب الإيذاء الجسدي والنفسي مقارنة بما كان عليه الحال قبل الحرب وفي السياق ذاته أفادت عدد من الدراسات التي تمثل النساء في عدد من المحافظات أن أعلى خطر للعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي بين النساء والفتيات في اليمن، كان بين عامي 2016 -2021.
اليوم و بعد سبع سنوات من القتال الدائر في اليمن تواجه النساء والفتيات عنفا متزايدا قائما على النوع الاجتماعي بشكل أكبر مما هو معتاد من مستويات العنف فقد دفعت الحرب النساء والفتيات للانخراط في الأعمال الخطرة للمساعدة في توفير لقمة العيش لهن و لأسرهن لكن الحرب التي عانى منها اليمنيين كثيرًا رفعت مستويات العنف ضد النساء جراء تزايد مسؤولياتهن اليومية فمجتمعنا اذي يتمسك بعادات وتقاليد بالية وقديمة أوجدت لأطراف النزاع فرصة لتقييد حركة النساء والفتيات وتقييد تنقلاتهن واعتقال الناشطات تحت أعذار ومبررات العادات والتقاليد كما أن الفقر والحاجة ضاعفت من أعداد ونسب الزواج المبكر حيث يتم دفع فتيات لا تتجاوز أعمارهن 12 سنة للزواج من اجل المساهمة في تخفيف الأعباء الاقتصادية على الاسرة ما يتسبب بتترك الفتيات للدراسة .
وبما أن الرجال والشباب يشكلون العدد الأكبر للضحايا المباشرين للقتال في الجبهات فتتحمل النساء مسوؤلية الانفاق على الأسرة في ظل ظروف إقتصادية بالغة الصعوبة مع انهيار قيمة الريال اليمني وإرتفاع الأسعار بشكل جنوني تفوق طاقة المواطن الشرائية وهو ما يعرض الكثير من النساء لأشكال مختلفة من العنف.
وعلى الرغم من أن الحرب الدائرة أثرت بشكل كبير على كافة شرائح المجتمع الا أن النساء والفتيات كانت الاكثر تضررا بسبب استمرار التفكير السائد بشأن أدوار النوع الاجتماعي والهيمنة الذكورية وانعدام المساواة الاقتصادية وهو ما ضاعف من تفاقم الوضع الهش لحقوق للمرأة في المجتمع ودورها فيما يخص تعرضها للعنف.
ويعد الزواج المبكر من أكثر المشاكل التي تواجهها الفتيات في ضل الحرب والفقر وارتفاع الاسعار كما ان غياب القوانين التي تضع حد أدنى لسن الزواج على الرغم من النقاشات التي دارت في مجلس النواب لرفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عام والتي لم يكتب لها النجاح وعلى الرغم من ان مؤتمر الحوار الوطني ناقش هذه القضية وأقر سن 18 عاما حد أدنى للزواج الا ان الدستور الجديد لم يدخل حيز التنفيذ حتى اللحظة بسبب الحرب والصراع القائم في البلد وعادة ما تتزوج البنات في سن أصغر من الأولاد خصوصا في المناطق الريفية وهو ما يتسبب بحصول لاحمل والإنجاب للكثير منهن في سن مبكرة ما يعرض حياتهن وصحة أطفالهن للخطر ولأن الفتيات تحرم من إكمال تعليمهن فإنهن يعتمدن على أزواجهن في توفير متطلبات العيش فالفتيات غالبا ما يُرغمن من قبل عائلاتهن على الزواج من رجال أكبر سنا منهن وكثيرا ما تكون الزيجات القسرية وبخاصة بالنسبة للبنات في سن الدراسة مرتبطة بالعنف المنزلي فالفتيات اللاتي يتزوجن قبل بلوغهن 18 عاما من العمر يكن أكثر عرضة للعنف من أقرانهن اللاتي يتزوجن في عمر أكبر .
ويقدم اتحاد نساء اليمن خدمات المعلومات القانونية للناجيات من العنف والإحالة إلى الخدمات القانونية وغيرها من الخدمات لكن الأسرة تعتبر هي المصدر الأساسي للحماية وتقديم العون للذين يقعون ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي إلا أنها حماية محدودة الأثر لاسيما إذا كانت الأسرة ذاتها هي مصدر العنف القائم على النوع الاجتماعي فمنذ ظهور الحرب وثق صندوق الأمم المتحدة للسكان ارتفاعا مستمرا في معدلات الناجيات اللواتي يصلن إلى خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي على الرغم من العوائق المتعددة التي تحول دون الإبلاغ والتحديات المتزايدة التي تواجه هذه الخدمات إذ بلغ معدل الارتفاع 70% في بعض المحافظات
تشكل النساء والأطفال ما يقرب من 76% من النازحين ووسط كل هذه المصاعب ظلت المرأة قوية وصامدة فالنساء في معظم الحالات هن من يتحملن عبء إعالة أسرهن وهن أكثر عرضة للعنف القائم على النوع في الظروف غير العادية .
يفيد صندوق الأمم المتحدة للسكان أنه في صنعاء ومأرب وعدن وحجة ( المحافظات التي تستضيف أكبر عدد من النازحين داخليا ) ما يقرب من مليون نازح غالبيتهم من النساء والفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاما وهن معرضات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي بما في ذلك العنف الجنسي والاغتصاب فقد أدى النزوح وانهيار آليات الحماية إلى زيادة تعرض النساء والفتيات للعنف بشكلل كبير فأكثر من 3 ملايين شخص نزحوا بسبب الصراع أكثر من نصفهم من النساء والفتيات وتجدر الإشارة إلى أن النزوح غير المتناسب للنساء والأطفال يعد خطرا رئيسيا سواء في بيئات مضيفة أكثر أمنا أو في تجمعات سكانية غير آمنة وغير رسمية وفي اليمن لجأ ثلث النازحين على الأقل إلى المباني العامة والمهجورة مع وجود عوامل حماية محدودة في ظل عدم وجود نظام رسمي للمخيمات بالإضافة إلى ذلك عادت العديد من النساء والفتيات النازحات البالغ عددهن مليونا إلى منازلهن ليجدنها أماكن غير آمنة .
وبناء على ما سبق فإنه بات اليوم من الضروري إيقاف الحرب التي تسببت بتصاعد أرقام ونسب حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي لان توقف الحرب يعد الخطوة الاولى والأهم للحد من العنف من هذا النوع حتى تتمكن الاجهزة المعنية من القيام بواجبها على أكمل وجه وترتيب آليات فعالة للوقوف بحزم تجاه مرتكبي العنف القائم على النوع الاجتماعي حتى تنعم النساء بحياة آمنة وكريمة تضمن فيها عدم تعرضها للعنف.