- كتب: د. عبدالعزيز علوان
الإهداء: إلى مهندس هذه القراءات المهندس عدنان شمسان العريقي
أشياء إضافية أخرى
شيء من التمنى
للتمني ، أوجه متعددة ، ومفردات تتفرد بها الأغاني الشعبية اليمنية للمرأة ، في الريف ، ومن هذه المفردات التمنى بمفرده ( ليت ) التي يكثُر التغني بها ، فهذه التي ، ساءت حياتها الزوجية ، تتمنى في أسلوب التحسر لو كانت جرادة تطير بين السحاب ، أحسن لها من زواجة منكودة:
يا ليتني بين السحاب جراده
العيزبة أحسن من الزواجه
وتلك تتمنى أن تكون من الحمام أو الحور ، أو تقبر عند وفاتها ( بطيبة) يقصد بها المدينة المنورة :
ياليتني من الحمام والحور
والا اموت احسن بطيبه مقبور
شيء من الُملاحة والقوام
شكل المليح ، تنعم العيون بالنظر إليه ، والقامة ليست ممتلئة كثيرا ، ولكنها تشبه (عود الند) نوع العطور المكثف المصنوع في الهند ، يعطي عند حَرقه رائحة زكية ، وهو مرتبط بكل الطقوس الهندية ، وكان أحد الهدايا التي توزعها بعض النساء على نظرائهن في القرية عند عودة أزواجهن من الغربة، و ما دامت هذه القامة تشبه عود الند ، فإن من يراها يصلي على رسول الله محمد، لإرتباط الصلاة على النبي بالرائحة العطرية:
شكلك مليح وقامتك عود الند
ومن يراك صلى على محمد
العذور الظلال التي تتكون عندما تحجب الجبال الشمس لحظة انحدارها نحو الغروب ، وبالتالي فقد تم تقديم الشمس ، لتواري الشمس خلف الجبال التي (دنت ) أقتربت أو انتشرت عذورها على كل المساحة، وهنا يتم التصريح بأن جلوس السنة ( جمب ) إلى جوار المحب يشبه العيش في الجنة:
الشمس غابه والعذور دنا
جلسه سنه جمن الحبيب جنه
( ساجي العيون ) ما الذي ، يجعل عيونك تنحرف عن النظر الينا عند ملاقاتك:
ساجي العيون مو بيننا وبينك
كلما تلاقينا حرفت عينك
الحنين مرتبط في كثير من الأغاني بالتأوه أو الحرقة ، وترافقه دموع العيون ، وكتفجع لسرد الحال ( النشيج ) المرافق للدموع ، فإنه لو أتى الموت بعد غياب الحبيب ، فإنه سيقبر ، من دونما معرفة الحبيب أو زيارته ( مما يدل على بعد المساف وصعوبة التواصل قديما.. فالجواب كان يستغرق أكثر من شهر ):
حنيت لك ودمعين عيوني
شاموت في بُعدك وشقبروني
(وا مسلمين) للاستنجاد أو للفت نظر المسلمين ، لمعرفة أن القلب ( ملان مكانه ) وتطلق هذه العبارة على بقاء الهموم القلبية مكانها دون تخفف، وكأنها تُشهد هولاء المسلمين بدعوتها لله أن يصيب من جعجع القلب وأهانه:
وا مسلمين قلبي ملان مكانه
الله يصيب من جعجعه وهانه
شيء من الصبر
الصبر من روائع المواقف التي تتغنى بها المرأة ، لا سيما إن كان في انتظار ( للحالي ) من الناس حتى لو (ماطل) أي تأخر عن قصد ، في الحضور وفاء بالوعد ، فمن يعشق ، يصبر على كل البواطل:
شصبر على الحالي ولو يماطل
ومن عشق يصبر على البواطل
( كم اشتقع فرقه ) كم شتطول هذه الفرقة ، قولوا لنا أنتم المعنيون بالأمر ، أو العارفون بأحوال هذا الغائب ، فقد أنتهى جماد ، إلى ذي القعدة، وهذا بدوره أنتهى إلى آخر محرم ، ولا زالت الفرقة قائمة:
كم شتقع فُرقة ؟قولوا لنا كم ؟
جُماد إلى القعدة وآخر مُـُُحرَّم
الحسد الذي يأتي من الناس يثير العجب ، وكانهم يطعمون المحسود دم بين الأضراس ، زيادة في الكراهية لها:
يا عجبي لمو الحسد من الناس؟
هم يطعموني دم بين الأضراس
شيء من أغاني الخيبة والشبية
كل صفات ( الخيبه، ج .خياب ) غير مرغوب فيها ، حسب سلوك هذا الخبية ، تجاه الآخر كما مر بنا ، و هذه ترى أن الخيبة يسبب لها كربة ( ضيق ) أثناء تواجده أو ربما ذكره ، وتبحث عن المليح ( شحزر ) أي سوف تراه ملئ عيونها ، فهذه نظرة سلا ، وتلك نظرة ضيق :
ماشاش اني الخيبه لا تكربوني
واشا المليح شحزر ملأ عيوني
وكما حرمت مكه على اليهودي فإنه يحرم على الخيبه أو الشيبة في أغنية ثانية ( يحس ) يمسك ( كعوبي ) الناهدين هكذا تقول هذه الأغنية:
يُحرم على الخيبه يحس كعوبي
ما حرمت مكه على اليهودي
تكثر حالة التملاس ( إستخدام الدهون من كريم وغيره ) عند بعض المتقدمين في العمر ( الشيوبه ) ، فالرفض هنا يكمن لهذا الذي يخفي عيوب وجهه بهذا الكِريم ، فإن له عيوباأخرى تتعلق بتساقط أسنانه ، وبالتالي فعند تقديم ( العاس ) قطعة الخبز الجاف ، فإنه يطلب قهوه ليبلل ( العاس ) حتى يتمكن من أكله:
ما شاش اني الشيبه ولو تملّس
يدور القهوة شبلل العاس
وهذه ترى أن الشيبة عباره عن ( جشيش ) كنيس في (مخلف ) الطريق الضيق بين البيوت ، ونجدها تُهَول ماتشعر به ( وا زوبتاه ) عندما يناديها ( وا مكلف ) مكلف يطلق على الزوجة:
ما شاش اني الشيبه جشيش بمخلف
وا زوبتاه لما يقول: وا مكلف
تسترحم الأغنية للشيبة الذي (يقامر ) يتحدي الشاب ، بينما تمكن المفارقة بينهما بأن ( بوسته = قُبلته ) ، تشبه ( دعسة حمار ) بعظام الأضلاع :
ياني على الشيبه يقامر الشاب
وبوسته زبطه حمار بجشأب
شىء من العتاب والتذكر
كثرة الأرق والسهر مرتبط بالنظر إلى السقف ، ولأن السماء ما أرتفع فوق الرأس فهذه ، تمسي تراقب السماء تلك ، دون أن تدري بكيفية العتاب ، الذي تعاتب به الحبيب :
تمسي العيون على السماء تراقب
كيف العتاب كيف للحبيب اعاتب
ما أن رأت هذه ، راعي الغنم فوق رأس الجبل ، إلاًَ وهاجت أشواقها لـ( خلها ) زوجها عندما كان راعيا ، كإرتباط شرطي:
رأس الجبل شوقتني واراعي
ذكرتني خلي يوم كان راعي
أشياء أخرى
ينتهي الدهر بالعمر ، واستخدم الدهر هنا، لطول عمر الانتظار ، وتَتَابع الأعياد ، فكل عيد يتبعه عيد ، و( حصتي ) نصيبي من الحبيب تناهيد ( نُهَد متواصله بالتأوه):
دهري زلج و عيد يتبعه عيد
وحصتي من الحبيب تناهيد
لا ندري أية بلاد هذه ، ومفردة البلاد تطلق في بعض مناطق ريف تعز على القرية ، وبالتالي فإن الأغنية (سوف تشد ) أي تترك هذي البلاد صباحه ، ولكنها متحيرة بالتوجه إلى أين فهل صنعاء قريب ، أم انها ستجد في تعز الراحة:
ششد لي من ذي البلاد صباحه
صنعاء قريب والا تعز راحه
(شن المطر ) أنهمر المط (على جبال الاوماس )، ومن (قنع ) بمعنى وصل إلى قناعة تامة من صاحبه ، فعليه أن يلزم حدوده ، بعدم ذكر عيوب صاحبه و ( يتنومس )، والناموس هو حفظ ماء الوجه في بعض المناطق ، كناية على التأدب، وبالمعنى الشائع ( يقع محترم):
شن المطر على الجبل والأوماس
ومن قنع من صاحبه تنومس
عندما يرتفع الطير( يكرع) يمر حبات الزبيب التي في منقاره ، وكذا النذل لو( قفى = غاب ) ينسي حبيبه:
الطير لا علا كرع زبيبه
والنذل لا قفى نسي حبيبه
شيء من الشركسه
قلنا سابقا أن الشركسي تطلق على المرأة الجميلة ، نسبة إلى الشركسيات اللواتي قدمن مع الأتراك ، أو اللواتي كن يشترين كجواري في الزمن القديم..
الجعد يطلق على الشعر إطلاقا ، ويوصف هنا بأنه(بينوس) يتمايل كا الحرير ، أما الطبع الحالي لهذا الشركسي فهو (شراب مخموس) أي مسكر ، ولا أدري لمن من المناطق تنسب كلمة ( مخموس ):
يا شركسي جعدك حرير بينوس
وطبعك الحالي شراب مخموس
فهذه تصف الشركسي بأن كلامه مليح وتطلب منه ( الهدره ) الحديث ، فكلامه أحلا من القرفه ومأكل الزر ( القرنفل ) وهي نباتات عطرية:
ياشركسي محلا كلامك اهدر
احلا من القرفه ومآكل الزر
وهنا نجد الأغنية تصف الشركسي بأنه جميل منذ إن كان صغيرا ( جاهلا ) ، فيا ترى بعد أن صار شابا منذا الذي (جَناه) ومن قطف زهوره:
يا شركسي شركست من جهولك
من ذي جناك من ذي قطف زهورك
يتبع …