- ماجد زايد
عبدالحليم حافظ، بجلالة قدره وعالميته، كان يحيي بعض الأعراس وحفلات الزفاف في زمانه مجانًا أو بأسعار رمزبة، وحمود السمة ويحيى عنبه وصلاح الأخفش والنعامي وبقية المغنيين العاديين والشعبيين يطلبون اليوم من باب اليمن ومن سوق الملح، ستة الف دولار لإحياء عشر ساعات في عرس واحد، الله الله الله، كيف تحولوا الى هوامير إستغلالية وإنتهازية بشعة، لم يعد هذا الأمر فنًا، لقد صار جشعًا، ونحن فقط من نتحمل مسئولية طمعهم وتصديقهم لأنفسهم، عن كل مرة قمنا فيها بمدحهم أو الثناء عليهم وعلى مواهبهم يوم أن كانوا في قاع المغمورين، وعن كل فنان كان مجهولًا فأنتشلته الجماهير الى الواجهة، كدعم إنساني نواياه حسنة.. الله الله أيها المترزقون بالفن الشعبي كيف جعلتكم الأيام والأوضاع أسوء من الحرب ذاتها..!
ستة الف دولار..!!
كأنهم نزلوا من السماء، أو كأنهم مطربين عالميين جاؤوا من أطراف الشهرة العالمية الواسعة، كأنهم لم يبدأوا مشوارهم الغنائي مقابل قيمة القات أو بدل المواصلات، أو بغرض الظهور المبدئي الأول، ما هذا التمادي والإنتقام بحق مجتمعهم وناسهم وشعبهم بعد أن عرفت أسماؤهم قليلًا فقط؟! مع أن الواحد منهم لا يتجاوز معرفته حدود مدينته الصغيرة، وربما حدود هذا البلد الضيق بأهله، هذا جنون، وجشع، وإستغلال متزايد للفن والمواطنين..
لقد سئمنا من هذا الحال، وهذا التعامل الإنتهازي الأرعن يتكاثر وينتشر كالوباء في زحمة الطلب والتنافس بين الأغنياء، وأمام هذا كله لم أعد أرغب بسماع أغنية واحدة من هؤلاء المغنيين العاديين والشعبيين، ولو أقمت عرسي مجددًا، سأكتفي بسماعة صوت كبيرة متصلة بجهاز تلفون رخيص يغني بصوت أعظم الفنانين والمطربين وكل من أريدهم أنا، وسأكون بسماعهم المجاني سعيد جدًا، وضميري البشري راضي ومطمئن..
ستة الف دولار، هذا ليس فنًا، هذا سرقة ولصوصية وإنتهازية، وتمادي أسوء بكثير من لعنة الحرب وعواقبها..
تبًا تبًا..