- محمود ياسين
كان أيوب صامتا مثل محارب قديم تعب من كونه يتلقى الإحتفاء وإظهار التقدير لماضيه الحافل ، تبدو إيماءاته مثل ذكرى عظيمة مبجلة لكنها واجمة ، في العالم لا يتحول الفنان لهكذا أيقونة صامتة ، ويتلقى الحب مجددا مع كل أغنية وتقديرا لكونه لا يزال يغني .
أحتشدت مواويل اليمن ومواسم الغناء زراعة وثورة وزخارف وطنية على حواف كوفيته الزنجبار ، تقدمت وعانقت فيه بلادا لاتزال في الصمت تنتظر المطر ، وفي النهايات تتوقع بداية جديدة مثل أغنية حب ، اغنية حب تراهن على كون الحب معجزة خلق وأن الاندثار يأتي على مخالب الكراهية .
ما الذي أخبره وقد أخبرت حمود السمة قبل أسبوع ؟ لا يمكنني إعادة الكلمات ذاتها عن نغمة صنعاء المركزية ، لكن أيوب مقطوعة متصاعدة يمكنك من خلالها إعادة تجميع يمن بأسره واجتذابه من الشتات والمنافي وخنادق الوجع والضغينة .
أيوب أغنية اليمن بأدوات بسيطة وبلا يوتيوب ولا سونج أو ارتجال تحفيز لخنادق الأخوة ، مدارب السيل يا أيوب لا تزال تتلقى السيل والعشب ، وأيوب هناك صابر كعادته ، يتألم بصمت النبي وقد خذله قومه .
سيرافقك ايوب طارش شخصيا فقط لكونك جاره العزيز ، هكذا بلا بورتوكول ولا كلفة ومراسم ، إنه اليمني الباذخ المتجاوز والملهم والمتخطي لاعظم المواهب لكنه بين أهله مجرد أيوب تهمهم اليمن في مجال شيخوخته المبكرة المضطرة والراضية .
لايزال من خلال جلسته متعاف تماما ،ويبدو هذا من ملامحه أيضا وحركة يديه ، مثل اسطوانة لا تزال بداية الجزء الثالث لكنها توقفت على سبيل السأم .
وقف الأستاذ عبد الرحمن الحبري ليقبله على جبينه وقد سبقه أحمد جلب لاحتفاء لائق بأيوب شخصيا .
التفت لأستاذنا الحبري : كيف كنت لترى الأمر أو نراه ، قبل عشرين عاما ؟ صورة من المستقبل وأنت تقبل جبين ايوب طارش بكل احترام وصدق ، وأنت تحاضرنا في قرية اليهاري عن الفن الإسلامي مجسدا في الأناشيد التي تبشر بالخلافة وبكون الإسلام قادم لا محالة ، وهاقد جاء الإسلام ولكن من الجهة التي لم نتوقعها لا أنا ولا أنت ولا أيوب ، والمتبقي هو هذه القبلة على جبين نغمة بلادنا ، بلادنا التي علمتنا اوجاعها كيف نتغير ونحلم أن نرقص يوما على لحن واحد .