- كتب: محيي الدين سعيد
………….
مهما كتب الكتاب وبكى الباكون على مدينة الحديدة فلن يستطيعوا وصف المأساة التي تعيشها هذي المدينة الساحلية الوادعة التي كانت مضرب الأمثال بالحياة والتعايش والسكينة والاستقرار ..
عماد الحياة فيها كانت الكهرباء ؛ والحركة التحارية في الميناء ؛ وشواطئها الممتدة ؛ لقد غارد الجميع تقريبا المدينة تاركين اياها للغربان بكافة أنواعم وألوانهم وأشكالهم ؛ شوارع فاضية طوال الليل والنهار ؛ محاصرة تماما من القائمين عليها ومن داخلها ؛ أكثر ممن هم خارجها .
الحديدة كانت على وشك الانطلاق عمرانيا وانسانيا وتجاريا وجاءت الحرب فأظهرت كم هي بشاعة حكامها الجدد ؛
في سنوات الحرب لم يحدث أن قامت عمارة واحدة مقارنة بصنعاء ؛ مرة واحدة خلال سنوات شاهدت عمارة يتم ترميمها بأسلوب بدائي وتوقفت .
البقية الباقية من سكان الحديدة يعيشون حياة اشبه بالجحيم فلاماء وﻻكهرباء وأسعار خرافية سواء عبر الخط الساخن او التجاري ؛ ظاهرة المتاجرة بأرواح البقية الباقية من سكانها هي خلاصة المأساة .
التعليم فيها عبثي في أجواء وطقس يشبع الجحيم بالضبط ؛ تخيلوا المدارس والحامعات والمعاهد بلا كهرباء طوال العام وخاصة اشهر الصيف التي تمتد الى 8 أشهر بالضبط .
مدينة الحديدة بحاحة الى التفاتة عالمية فما يحدث فيها بمثابة جرائم الحرب التي ﻻشك فيها .
لقد عشت فيها أربعين عاما طالبا ومعلما …
وأعرف ماكانت الحديدة فيه وما أصبحت عليه
البكاء دما والعويل ليل نهار قليل على مايحصل للمدينة .
الحديدة ليس تحتضر فقط بل لقد ماتت حرفيا .
ولا أكذب عليكم حتى المتسولين هجروها الى صنعاء هروبا من الفقر والحر والحرب .
الحديدة ليست ضحية الحرب وحدها بل ضحية استهداف ممنهج ولتهجير الناس منها ؛ فسوق العقارات فيها في الحضيض وهو الهدف للحيتان الجدد ؛
لم تعد حرا وأنت تتوجه لشاطئ البحر لتلقي بهمومك واحزانك دفعة واحدة بل يجب أن تدفع على كل خطوة تخطوها هناك .
هناك الكثير من التفاصيل الصغيرة والكبيرة تركناها للقارئ اللبيب ..
سيجديوما قريبا السكان الأصليين للمدينة وقد تم تطفيشهم منها وسرقة كل شئ منهم بكل بساطة .