- زين العابدين الضبيبي
كانَ يُسمعُ في مدخلِ الحيّ
صوتٌ لكهلٍ حكيمٍ يصيحُ بنا
هاااااااه هاااااه
ألا أيها النائمونَ احذروا:
ثمَّ ذئبٌ سيأكلُ أغنامكمْ
وسيأكلكمْ واحداً واحداً
سوفَ يدخلُ من خُللِ
البابِ
أو فتحةٍ غير مرئيةٍ في جدارْ
ربما يتسللُ من “قصبِ”
الماءِ في الليلِ
أو يتنكرُ في زي شَحَاذةٍ
في النهارْ.
هو يعرفُ من أين يُؤكلُ كتفُ الضحيةِ أين سُيلقي
حبالَ مكيدتهِ
وعلى من غداً سيكونُ الخيارْ.
هو ذئبٌ لئيمٌ ينامُ بعينينِ مفتوحتينِ
ويسقي بماءِ طموحاتهِ شجرَ الانتظارْ.
كان بالأمسِ يشعلُ قنديلهُ بسرابِ المُنى
كلما ضلَّ “فرخٌ” طريقَ الديارْ.
ليأكلهُ خِلسةً منْ وراءِ الستارْ.
وحينَ تفرّقَ شملُ القطيعِ
وحينَ تقاتلَ رعيانُهُ
أيُّهمْ سيكون الأميرَ
تنكَّرَ في ثوبِ شيخٍ جليلٍ
فجاؤوا بهِ حَكَمَاً
ليفضَّ الشجارْ.
فأسرعَ مستبشراً
وتوضأ ثمَّ دعا ربَّهُ واستخارْ.
قائلاً: سوفَ أسمعكمْ واحداً
واحداً
فاطمأنوا لهُ!
ثم جاؤوا إليهِ بما في خزائنهمْ من ثمارْ.
كانَ يلقي هنا جمرةً
وهنا جمرةً
فتزيدُ الحرائقُ
حتى يُؤاخي الرمادُ الغبارْ.
ويذبلُ ما بينهمْ من إخاءٍ
وودٍّ ليخلو بهمْ واحداً واحداً…
بعد طيِّ صحائفِ حسنِ الجوارْ.
هاهو الشيخُ يصرخُ ثانيةً
هااااااااه هاااااااه
ألا أيها النائمون أفيقوا
لكي تدركوا ما تبقَّى..
ولا تفرحوا بالذي تركَ الذئبُ
في البابِ من لحمِ جيرانكمْ
فغداً سوفَ يطهو جماجمكمْ
وتذوقونَ من قدحِ العارِ والاحتضارْ.
فعلى نارِ أحقادكمْ كان يَسلقُ
أجسادَ شُجعانكمْ
بعد أن سقطوا واحداً واحداً
فانتهيتمْ وصارَ إليهِ القرارْ.
ها أنا الآنَ في مدخلِ الحي
أبحثُ عن ذلكَ الشيخ
لكنني لستُ أُبصرهُ
فأناديهِ يا شيخُ…
ما ثمَّ من أحدٍ
كانَ يصرخُ بي قائلاً:
_هاااااه هااااااه
كأنكَ لستَ ترى مثلهمْ
لستُ شيخاً
ولكنني فرطَ ما أوقعَ الذئبُ
من إخوتي
صرتُ أعرفُ وجهتهُ والمسارْ.
-من تكون إذنْ؟
_قال لي: من تَرى في الحظيرةِ
-قلتُ: الحمارْ.
فقهقهَ.. قهقه.. ثم استدارْ..
…
11 إبريل 2021م