- محمد عبدالوهاب الشيباني
قبل أن أتعرف بشكل مباشر على الدكتور عمر عبد الكريم عبده وجهاً لوجه بمنتدى الجاوي الثقافي في 2013 سمعت به كثيراً ، كشخصية جمعت بين المهنية العالية في العمل الشرطوي والجنائي المتخصص به، وبين كونه مثقفاً من طراز رفيع، ومنشغل بالقضايا الوطنية التي تمس مجتمعه اليمني.، لهذا كان جزء من معادلة التسوية بعد ثورة فبراير 2011 ، ليتقلد منصب مدير عام أمن أمانة العاصمة صنعاء ، بعد أن شغل ولمدة أربعة أعوام بين 1990 و1994 المدير العام لإدارة المباحث الجنائية للجمهورية اليمنية ، قبل إقالته من الموقع بعد جائحة صيف 1994 للجنوب ، حينما حسب على الطرف المنهزم وهو الحزب الاشتراكي اليمني. ، لا لشيء سوى لرغبة المنتصر الفجة طمس الارث المهني لكوادر الدولة بمنزعهم التحديثي.
فترة التجريف التي اعقبت تلك الحرب الملعونة ،التي لم يزل أبناء اليمن في الشمال والجنوب يدفع ثمنها باهضاً حتي اليوم، وشملت الهويات المتعددة والمكتسبات الاجتماعية ، والتي كانت ثمرة نضال الحركة الوطنية اليمنية لعقود طويلة ، شملت أيضاً البنية المهنية للجيش والأمن في اليمن ، والتي مثلها الكادر المتمرس ، والذي اكتسب خبراته وراكمها على مدى سنوات طويلة في الدراسة والتأهيل والممارسة العملية في الميدان ، وكان الدكتور عمر عبد الكريم أحد الأسماء الفاعلة والمستهدفة في هذه البنية.
بعد دخول اليمن في أتون حرب عبثية مدمرة ابتدأت في مارس 2015 بعد أزمات واحتقانات طويلة غادر اليمن إلى خارجه ، فصارت الكتابة المكثفة والمتنوعة وسيلته للمقاومة بالوعي. فانتج في السنوات القليلة العشرات من النصوص السردية والشعرية التي تقترب من السيرة والوجدانيات واللافتات والخواطر العفوية والصادقة.
النصوص السيروية التي نشرها في صفحته في وسيلة التواصل الإجتماعي ” فيس بوك” ، شدتني جداً، لأن استعادتها بعد عقود طويلة بتلك الحميمية عن المكان ” عدن” والتكوين الباكر ” الدراسة والتأهيل” في الداخل والخارج إلى جانب استعادته للعديد من الحكايات المتصلة بوظيفته العامة ، كلها تشير إلى ذلكم الوعي الحاد لصاحبها.
الملموم بهذا الإصدار من نصوص غير مجنَّسة ، وتوزعت على السرد والشعر لم تكن سوى القليل من انصرافاته كمثقف يقظ الضمير، وأظنها ستعمل على دفعه لنشر نصوص السيرة والذكريات الكاملة و بقلمه القادر على الوصول ليس إلى ذهن المتلقي ، وإنما أيضاً إلى وجدانه، بما تحمله من صدق وعفوية.
تحية لهذا المقاوم الصلب والانسان الوديع.
(*) المقدمة التي شرفني بكتابتها لكتابه الصادر مؤخراً ( عندما نعانق الفجر)
محمد عبد الوهاب الشيباني