- رستم عبدالله
يحتل الكتاب في حياتنا اليومية أهمية قصوى ومكانة عظيمة ورفيعة ولايمكن لنا الغنى عنه إطلاقا ولا يقل أهمية عن الطعام والشراب بل انه للأديب والمثقف والصحفي والأكاديمي والباحث والأستاذ والمعلم والطالب الغذاء الذي يقتاته والهواء الذي يتنفسه وحتى الشخص الأمى الذي لايقراء ولا يكتب لايستطيع مقاومة إغراء الكلمة وتظل الرغبة مشتعلة في داخله لمعرفة محتوى كتاب ما إذا جذبه شكل غلافه اوسمع عنه بل هناك إنسان في أعماقه يريد أن يقرأ ويطلب من ابنه اوصديقه أن يقرأ له ويطلعه على فحواه
و إن كان ثراء الناس اليوم يقاس بمدى ما يملكون من مركبات فارهة وأموالا وأرصدة وذهب وعقارات كان ثراء الناس في العصر الممتد من القرن التاسع وحتى القرن الثالث عشر الميلادي بمدى مايقتني من كتب ومخطوطات –ففي عام 891م يحصي مسافر عدد دور الكتب العامة في بغداد بأكثر من مائة وإذا كان الجسم يحتاج إلى الطعام لينمو ويقوى كذلك العقل يحتاج الي الكتاب لينمو وينضج بالمطالعة والقراءة فأهمية الكتاب وفائدته العظمى في تعلم الأبجدية والعلم وتنمية الذات وتقوية الشخصية والتثقيف وتطوير المهارات وانعكاسها على عمل الشخص ونجاحه وأيضا وسيلة للمتعة وإزجاء الوقت والترفيه عن النفس جعلت الناس تقبل على الكتب إقبالا منقطع النظير في العصر القديم والحديث
فقد جمع نصير الدين الطوسي لمرصده في مراغة أربعمائة ألف مخطوطة وكانت مكافأة ابن سيناء لما عالج سلطان بخاري وشفي من مرضه العضال كافأه بان سمح له أن يختار من مكتبة قصره مايحتاج إليه من الكتب لدراسته وكان بعض الأمراء لم يكن يخرج إلى رحلة إلا ومعه حمولة ثلاثين جملا من الكتب تصحب ركبه وبلغ من شغف العرب بالكتب أن مكتبه صغيرة كمكتبة النجف في العراق كانت تحتوي في القرن العاشر أربعين ألف مجلد وكان لكل مسجد مكتبته الخاصة بل إنه كان لكل مستشفيطى قاعة فسيحة صفت على رفوفها الكتب كتب لم تكن مطبوعة على آلة بل نسخت باليد وبذل كاتبوها مجهودا مضنيا دام أشهر بل سنوات فقد تقاضى إبن الهيثم خمسة وسبعين درهما أجرا لنسخ مجلد من مجلدات إقليدس عاش منه ابن الهيثم ستة أشهر ولقد ترك ابن الجزار الطبيب والرحالة القيرواني عند وفاته مائتين وخمسين مطبوعا من لفائف جلد الغزال التي كتبها بنفسه عندما سلب الفرنجة كل مايملك والأمير أسامة ابن منقذ فقد كل مايملكه- وقال:خسارتي لكتبي المتني ألما شديدا لقد كانت أربعة آلاف مجلد غدا فقدها باعث حزني طوال عمري لم يكن الرجل من أئمة العلماء يقدر العلم والكتب كان فارسا محاربا وكيف لوكان عالما والحديث عن متعة الكتب وحكاياته كثيره أفردت له المستشرقة الا لمانية زيغريد هونكه فصلا كاملا في كتابها(شمس العرب تسطع على الغرب) مثنيتا على العرب ومعجبتا بحبهم للكتب واستفادتهم منها ولعل هذا ماجعل العرب تقول قديما – مجد التاجر في كيسه ومجد العالم في كراريسه وكان الأديب والكاتب الصحفي المصري الراحل رجاء النقاش يحث ابنته ومن حوله على القراءة باستمرار وكان له عملية حسابية جميلة للحث على القراءة فكان يقول لو قرأت في اليوم ثلاثين صفحة بساعة سوف تقرأ في العام 10800صفحة بمعدل سته وثلاثين كتاب من القطع المتوسط وكان العقاد يحث على القراءة وينصح بانتقاء لكتب الجيدة ويقول أن تقرأ كتابا جيد ثلاث مرات خير من أن تقرأ عشرة كتب غير جيده والكتاب صديق وفي يسري عنك في ساعة الوحدة وحتى إن هجرك الأصدقاء فهو الوحيد الذي يبقي إلي جانبك يقول أمير الشعراء احمد شوقي:- أنا من بدل بالكتب الصحابا لم أجد لي وافيا إلا الكتابا وفي العصر الحديث أصبح للكتاب أهمية قصوي فأصبحت تقام له معارض الكتاب وانتشرت دور النشر المتخصصة في إصدار الكتب وأنشئت المكتبات الخاصة وألعامة في كل مكان وأصبح لمحبي الكتاب جمعيات ونوادي ويوم للاحتفاءبه ولعل من محاسن الصدف أن يصادف 23 من ابريل اليوم العالمي للكتاب وحقوق الطباعة يوما للكتاب يحتفي به محبي الكتاب القراءة
وكانت تدشن. بتعز من سنوات فعاليات السعيد الثقافية وحفل توزيع جائزة السعيد ومعرض الكتاب الذي تنظمه في إبريل من كل عام الذي يأتي بنفس اليوم أيضا أحياء لذكرى وفاة طيب الذكر المحسن الكبير هائل سعيد انعم والي جانب هذه التظاهرة الثقافية التي تنظمها مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة والآداب بمدينة تعز عاصمة اليمن الثقافية والتي محورها الأساسي الكتاب وما ينتج عنه نجد هناك خمس مكتبات عامه كبري للقراءة والاطلاع في تعز مكتبة السعيد الثقافية والمكتبة العامة للهيئة العامة للكتاب والمكتبة المركزية في جامعة تعز بحبيل سلمان ومكتبة الجامعة في رئاسة الجامعة بالكمب ومكتبة كلية الآداب وغيرها الكثير المتناثرة في الكليات والمدارس والمعاهد والمساجد وليس أدل صدقا على زيادة الكتاب وأهميته رغم زحف التقنية الحديثة للمعلومات وتكنولوجيات الحاسوب والانترنت والأقراص المدمجة فهناك كتاب يتصدرون قائمة العالم في مبيعات الكتب ومازالت تلقى مشدوهين ومعجبين وتترجم إلى جميع اللغات ونجد كاتبة القصص البوليسية الانجليزية التي توفيت في السبعينات من القرن الماضي أجاثا كريستي بيع من رواياتها مايربو على المليار نسخه. وستيفن كينج كاتب الرعي الامريكي تباع ملايين النسخ من روايته فور صدورها وتترجم لعدة لغات عالمية ولعل مااثارته مؤخرا الكاتبة الأمريكية كاثلين روالينغ من ضجة مؤخرا بصدور الجزء السابع والأخير من سلسلة قصصها هاري بوتر والذي بيع منه ملايين النسخ خير دليل على تسيد الكتاب بقي أن نقول أن اكبر مكتبه في العالم مكتبة الكونجرس الأمريكي تحتوي لوحدها أكثر من مائة مليون مجلد
ومن الكتاب العرب غزيري الكتابة كان كاتب روايات الخيال العلمي نبيل فاروق رحمة الله عليه الذي له ما يربو عن1500 كتاب طبع منها ملايين النسخ وأيضا كاتب أدب الاطفال والقصص البوليسية المرحوم محمود سالم الذي طبع من قصصه ملايين النسخ وبعدة طبعات والمرحوم أحمد خالد توفيق رحمة الله تغشاهم جميعا
بقى أن نشير أن الكتاب هو أسم لاحد أشهر كتب النحو لسيبويه
ولعل أحدا لايدرك قيمة الكتب إلا اذا كان قد حاز على جوع الجاحظ الذي كان ماعمل به يشتري كتابا وذات يوم طلب من أمه طعاما فأحضرت له سفرة مليئة بالكتب وقالت له هذا الذي تحضره وكذلك المخترع والمفكر الأمريكي بنيامين فرانكلين إذ كان يحرم نفسه الطعام ليشتري كتابا ويقول عن نفسه كنت صغيرا جائعا ولكن جوعي للعلم اشد من الجوع الذي يعتصر معدتي .