- عبدالرحمن بجاش
عند الواحده غبشا قررت الخروج ، عند باب الشارع غمرني ضوء هادئ ، فقد اضاء حسام العمود بطريقته ، اعطى الضوء للشارع احساس بالكرامه ، فتناغمت بقية الاضواء مع الضوء الاكبر، فسرت روح جديده موشاه بفرحة الهزيع الاخيرمن البرود ….
في الاعالي ثمة نجمة سكنت الزاوية المطلة على الحي ترسل وزاوزها وحشد النجوم الى اسقف المنازل فتحول الظلال الى أشكال بديعه …
منعطف الشارع الجانبي هادئ إلى درجة الاغراء بالمشي ، وعلى جنبات الجدران
ذهب الضوء يوزع الاشكال من كل شاكلة ولون …اتوغل في الشارع ، لولا الاكياس
البلاستيكيه لسمحت لنفسك ولو لبرهة من الوقت تخيل أنك تمشي في شوارع تلك
المدن التي تعرف أن النظافة من الايمان ….
عبد الغني اكمل آخرلوحه واغلق باب الدكان ، والكوافيره أنجزت آخرتسريحه وذهبت ، وتوزعت السيارات نائمه على الرصيف وبجانبه ، وضعت تعبها بعد ليلة مرهقه …تلفح نسمة مسرعة وجهي فأحس براحة تستولي على كياني فيمدد ابو حنيفه ولايبالي …..ثمة ضوء يصدم خدي الايمن ، ثمة مصل عائد من صلاة الفجر…
صوت كلب قادم من المنعطف الاخريختلط بصوت قاطرة هائمة على شارع الخمسين تنهب الارض ذاهبة بارزاق من ينتظرونها ….ارفع رأسي ، كانت النجمه ما تزال هناك معلقة برجل واحده كالعصفورأبوهامة سوداء من يلون صباحاتي بصوته الحنون .…شبح اسود هناك منتصف الشارع حيث البرميل ، يختفي فجأة اذ قدمت ، ادري من يكون ، من اؤلئك الذين تتعززانفسهم عن السؤال …
احس إنني املك الشوارع كلها عند الخامسة فجرا ، يذهب بي الخيال إلى تذكرنفس الرحلة عند الرابعة والنصف غبشا بعد خروجي من جامع الغفران بسبتمبرتعز، ابحث عن صاحبي الدجنه نستعمرلمدة نصف ساعة طول وعرض الشارع ودكاكينه وذكرياتي ….
تتراقص اضواء بعض الاعمدة المضاءه ، يتراقص الفرح في نفسي كعيني إمرأة قدمت لتوها من عيون الفجر…يهتف بي هاتف حشيش الارض الخضراء ، يلون غبش الفجربآخرشهقة لضوء النجمه التي تغادر مكانها مفسحة المجال لأشعة الشمس المتهللة فرحا والقادمة من اقصى نقطة من شرق الكون …
تهمي الأشعة في الشارع كالغيث ، يتداخل رذاذه بالضوء ، تتداخل خيوط الأشعة بضوء العمود يشكلان شهقة الفجر البكر …قطفة اولى من معين الصبح الذي لاينضب ….
تستنشق رئتي نسيمات الفجرالاولى ، احسد ذلكم البشرمن الرعيه الذين يسابقون الطيورصحوا يرتشفون اولى فناجين رائحة الارض القصوى ….تمتلئ صدورهم هواء يلفح جنبات خدودهم ، ينبتون مع الفجر سنابل من لآلئ ودندنة وترتخرج من بين أنامل امرأة هي ابنة الغبش …
اواصل الخطواستبق كل خطواتي في اتجاه منبع الشمس تتسلل من بين البيوت تطارد آخرخيوط الليل …الضوء القادم من الشرق بدأ بريشته يلون واجهات المنازل المكسوفة من همسات جدران الليالي العبقة بالتماهي …ترتسم صورتها فرحا على التبة المقابلة للقلب ، تصدرالآهة الاولى مرحبة بها من بين النهدين ….
لحظة أن تضع اشعة الشمس اوزارها ، ترتسم على وجهي علامة الرضى صبحا نديا مبللا بزنينة الفجر…اعود ادراجي ، تستقبلني بقايا رائحة ملكة الليل ، اعب منها مااستطيع ، اروي ظمئي الذي لاينتهي …
أرسل الرشفة الاولى لعينيها فرحا بمقدم الصبح الذي لايكذب خبرا للحب الذي يصنع المعجزات ، والعشق الذي يبني الدنيا …
احدث نفسي في العشق الاول فجرا :
تحية الغبش التي احملها أمانة اهديها فجرا لعقيل محمد سعيد …صاحب الحرف
النبع الذي لاينضب…..اقبل هامة الكلمة ….أنام حلما كطفل يبحث عن ثدي أمه
…
تتشابك الاحرف… تشكل شهقة الفجرالقادم …