- منصور الأصبحي
الحق أن الشِّعْر يستحق أن يُكتب بغزارة
وبأحرف من نور مذهّبة في أرقى صفحةٍ للمجد، كما له الحق بالدّيمومة التأثيريّة
كصورة للخلود بصفته أرقى مادّة للأدب المتنوّع “المتنوّر” ومثله
الرّواية والقصة واللّوحة الفنيّة “تشكيليّة أو موسيقيّة” كرمزيّات
لمقاربة أدبيّة خلّاقة.
هذا الاستحقاق “مادّي، معنوي” أو غيره للمادّة الشّعريّة يعقبه
استحقاقاً للشّاعر كخالق للنّص انطلاقاً من شاعريته أولاً ومن خياله ضِمْناً ومن
مهاراته المعرفيّة سٓبْكاً ونظْماً وتعليلاً ..إلخ.
فالنّص الشّعري من حيث المبدأ هو أشبه بفتيلٍ لمصباحٍ يضيء كل الزوايا
بأعماق النّفس البشرية مُحْدِثاً ومضات إشراقيّة مقترنةً بذبذبات كتأثيرات خارقة
للظّلمة الحالكة التي قد تعتري القيعان النّفسيّة لأسبابٍ واقعيّة صادمة كنتائج أو
صادمة للنّتائج ذاتها لعلاقتها الاستشفافية بكل مكامن النّفسيّة كتذبذبات إحساسيّة
هي من تستشعر العمق الدّلالي لتفلسفه إلى ما وراء الصّورة والذّوقيّة ومن هنا
يلزمنا التّنويه إلى أن الشّعر هو إحدى الحالات الفلسفيّة حين تتمكّن شفيفته
الحادّة من استفزاز الجليد الكامن في بحر النّفسيّة المتجمّد بإحداث فِعْلٍ
استنطاقي يتحرّك لتحوّل المادّة الجليديّة إلى طربيّة كحالة ميتافيزيقيّة مُغايرة
لكل قوانين الفيزياء التّحوّليّة في المادّة.
قد لا تختلف استحقاقات النّص الشّعري من نصّ لآخر من حيث الإنتاج
لكنها قد تتباين بتمايزٍ غير عفوي بالجودة فنياً وتقنيّاً ورؤية وعمقاً دلالياً
وفكرة مكتملة هذا كمعيار مهاري دقيق وأكثر حساسيّة يتفاوت فيه الشعراء وههنا
يكْمُن حديثنا عن امتيازات شعريّة هي أكثر استحقاقاً حين الحديث عن استحقاقاتٍ ما
للشّعر.