.
- عبدالجبار الحاج
(1) الخطر المشترك : قراءة في تصريحات سليم المغلس .
توقفت امام العديد من التصريحات للاستاذ سليم مغلس محافظ محافظة تعز واخرها التصريح الذي ادلى به اول امس في معرض تناوله للوضع الاستثنائي في البلاد جراء جائحة وباء فيروس كورونا COVID19 المستجد وركز التصريح على الثغرة الاكبر في مستويات الادارة في المديريات و فيها مظاهر اللامسؤلية والسلبية التي يتعامل بها مدراء العموم .
وكما ورد في التصريح :
( من لا يستطيع من مدراء المديريات أن يقوم بدوره في مثل هذا الظرف العصيب، وعمل اللازم لمكافحة ومواجهة هذا الوباء، ولا يستطيع أن يقدم شي لأبناء مديريته، عليه أن يبادر بترك المجال لغيره فوراً ومن واقع شعوره بمسؤوليته، قبل أن يتم اتخاذ الإجراءات بحقه.)
( ونوه بأن المسؤولية تجاه أبناء هذه المحافظة تحتم عليه التدخل واتخاذ إجراءات حاسمة بحق كل من لا يقوم بمهامه ودوره بالشكل المطلوب .
كما حث مدراء المديريات الإبتعاد عن الروتين المعتاد وأن لا يتحركوا الا لإسقاط الواجب أمام رئيسه، دون الإهتمام بتحقيق النتائج بكل جد، كون الظرف طارئ واستثنائي، مضيفاً ” أنه يجب على كل مسؤول أن يتق الله في هذا الشعب )
كل الذين لا يعترفون بلعبة الحياد في القضايا المصيرية والوطنية وكلما وجدوا قضايا الشعب كليا او جزئيا ، ونحن منهم لا نملك الا ان نكون في قلب المعركة مع من ينتصر للناس في موضوعات تتعلق بحياة الناس الاقتصادية والاجتماعية ومنها الصحية والتعليمية و في شتى الحقوق والمحالات فحيث وجدنا القضية العادلة وجدنا أنفسنا بقوة الانحياز ..
ولان الأمانة في الالتزام تبعث لدى اصحاب التصنيف الجاهز لإتهامك بالتشدد من قبلهم بأنهم دعاة الاعتدال والمرونة او الميوعة في الموقف ، هذا إن لم نسمهم بإسمهم الحقيقي : تجار المناصب وخونة الامانات .
او ليس العبث والنهب والتعايش مع هكذا نهج .كذلك خيانة ؟!!
اوليس اتباع موقف المتفرج حيال مخاطر تهدد حياة كل الشعب بالموت ؟؟!
ثم اتوقف امام معادلة لابد منها واقول للاستاذ المحافظ دع عنك معادلة الاستقالة ان لم تسمعوا صوت الحق وتتبعوه ساستقيل في فقرة من التصريح تقول :
( نحن أتينا خداماً لهذه المحافظة وأبنائها، وليس للقعود والبحث عن المناصب، وإذا عجزنا عن ذلك فلا خير في بقائنا على رأس الهرم في المحافظة، وعلينا ترك المجال لمن هو أكفأ وأجدر )
( لوكان غرضا قريبا او سفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم)
الله يعلم ونحن وأنت نعلم إنهم لكاذبون ومخادعون .
فخذ طريقك بأن تترسم خطاك جيدا بأن تستجمع كل قواك وتبداء بضربات رادعة ولو بدأت بشلةقليلة العدد كبيرة الضرر .
حاذر من يقلب لك الامور . ومنهم من يزين لك سؤ المقاصد . كأن يقولوا لك دع هذا فهو ذو مال واراض ودع من ذاك فهو ذو تأثير طاغ حتى لا تجد لردعهم امامك من سبيل .
عليك أن تبداء بائمة النهب والفساد ان اردت ان تشل ايدي المئات من اتباعهم .
من اين نبداء؟
الضربة القوية في مطلع المعركة مؤشر النصر في التاليات
فإذا لجأت الى السلاح الاقل فاعلية وعطلت الاكثر فاعلية من قوتك التي تحتاجها فانك في المحاولة الثانية تحتاج الى قوة اكبر في حين الخصم الاضعف يكون قد احتشد واكتسب قوته من اخفاقك في الاولى
لتكن الارادة برفقة قلة صابرة من الصادقين هي قوتك والرهان على النصر بالناس البسطاء .
وانا أتابع نشاط الاستاذ سليم مغلس وطموحات التغيير لديه وأثق بصدقيتها وجدنا انفسنا معنيين بأن نمد أيدينا بيده في خوض معركة لا شك انها ضارية في وجه طبقة من الفساد عمت ببلائها وويلاتها كل اليمن واليمنيين حتى ليمكننا ان نجزم بالقول ان طريق التطور والتقدم والعدالة لا زال بعيدا عن مستقبلنا القريب والبعيد على سواء ما بقي هؤلاء وإخوانهم في عائلة الفساد والنهب قابضة عل مقاليد الامور
بل ويمكننا القول ان تأخُر حسم المعركة وتأخر النصر النهائي سيبقى معلق بمفاسد ومظالم وعبث هذه الطبقة التي سادت ولا تزال تسود اليمن . وان كتب نصر في ظلهم فهو نصر منقوص وينتقص من كل التضحيات .
ماذا اعرف عن الصديق الاستاذ سليم مغلس وهو من اتفقت واختلفت معه ونال نصيب من النقد فهذا الشاب قادم من بيئة واسرة يمنية مستورة الحال .
شاب قادم من ساحة الثورة ولا اظنه الا ذاك الحامل لاهداف الثورة والتغيير في العدالة السيادة
كل ما عليه من معيشة ظاهرة التواضع والزهد في مأكله ومشربه وملبسه ومرقده ليس تكلفا بل صار فيه عادة وطبعا هذه نقطة قوة وتفوق لديه برغم تبوءه مواقع سياسية عديدة في عضوية الوفد الوطني ثم عضوية المجلس السياسي الاعلى في غضون السنوات الماضية.
( 2 ) للمستضعفين عين الرحمة والعين الحمراء على المفسدين .
بما ان الفساد ساد تسيد على مقدرات هذا البلد أباح واستباح وما برح يستبيح كل حق من حقوق الملايين لأربعة عقود متواصلة فما بالنا أن ندعو هذا النمط من طبقة الفساد القيام بواجبها الانساني المحض في مواجهة كل ظرف استثنائي كلما طراء .
وفي مواجهة وباء كورونا كظرف استثنائي عالميا وفي ظل ظروف وطنية استثنائية هي الاخرى اطارا استثنائيا أوسع فرضها واقع حرب عدوانية واحتلال لاجزاء واسعة من تراب اليمن وبحرها والجزر بما هي كذلك امتداد للحظة ثورية …
فاذا ما عدنا لاسباب تلك الثورة على انتكاستها او تعطلها فان اهدافها لازالت ماثلة امامنا اليوم بأكثر مما كان عليه الحال و مشروعيتها عند الإنطلاقة .
فهل لنا أن نبداء من حيث وضعتنا اقدارنا ان نكون ومنها نخطو الخطوة الاولى كل من موقعه وارادته حيث يجب ان يكون ؟ ..
فليكن …..
…….
عندما عين الاستاذ سليم مغلس محافظ لمحافظة تعز تزامن تسلمه المسؤلية مع تفشي جائحة الوباء عالميا ..
واجه ماهو اخطر من احتياجات مواجهة الوباء بما سخر من الممكن والمتاح ..
حيث سارع الى اللجؤ لجملة من الاجراءات الوقائية التي هي بالحد بالادنى كفيلة بمحاصرة الوباء وتغطيتها بالممكن والمتاح ..
لكنه وجد في ذات الوقت ادارة محلية في المديريات ومكاتب حكومية هي بيت الداء وبيئة الوباء الخصبة في غالب الاحوال .. فبحسب منطق اللامسؤلية المعتادون عليها تجاه ظروف طارئة استثنائية بحسب التصريح ..اذ يتعاطون مع هكذا أوضاع كما لو انهم غير معنيين بحسب موقع المسؤلية والمنصب الذي يحتلون .. وفي سلوكها ودورها كما لو انها وجدت لتأخذ من هذا البلد ومن هذا خزيتة الشعب ومن هذا المواطن كل ما طالته ايديهم وليس بالتي هي …. بل باليد التي هي ابشع اظلم ..
في اليمن كشف الفيروس المستجد كارثيات تشريعات الخصخصة في مجالات الخدمات في ميادين كالصحة والتعليم منذ النصف الثاني من التسعينات انصياعا لاوامر المؤسسات المالية الرأسمالية وتنفيذا لروشتة البنك الدولي واقتداء وتقليدا اعمى للغرب الرأسمالي .
بمقارنة بسيطة لخدمات الصحة والتعليم فقط في اليمن خلال السبعينات والثمانينات فان الوضع كان انذاك ارفع بما لا يقارن مع حالنا في العقدين الاخيرين ..
ففي الجنوب زمن التشطير رغم الحصار الاقتصادي كانت الدولة تؤمن التطبيب والدواء المجاني وكانت المراكز الصحية تغطي كل المناطق يما يفي وحاجة السكان من مستلزمات ضرورية وأدوية مجانية .ذلك ان الدولة كانت تلتزم نهج العدالة الاجتماعية . وهو نهج اثبتت التجارب صوابه وعدالته وخطر الخصخصة .
وفي الشمال رغم ان النظام كان رهينة الرجعية السعودية ويلتزم نهجا معاديا ومخالفا لنهج العدالة الاجتماعية .
حال المؤسسة الصحية اليوم صفر مع فارق الزمن والتطور فان وضع الصحة في منتصف السبعينات والثمانينات لجهة الدور العام لايقارن بما آل اليه الوضع الصحي المتدهور باطراد خلال عقدين ونصف وتدهوره المتسارع منذ تنفيذ قوانين الخصخصة المدمرة وسيادة الخاص التجاري على المشافي وتدمير الحد الادنى من خدمات الصحة .
…………
كانت وجهة اعتراضي على خيار الاستقالة للاستاذ سليم فيما لو لم يستجيبوا له ، وجهة تنطلق من معرفتي بان هؤلاء الذي اعتادوا ما اعتادوا من روتين وسلوك مناقض للمسؤلية كما جاء في تصريحه .
وتقديري على ان هؤلاء المعنيون لهدف التغيير يطيب لهم منك احد امران : أما ان تدعهم وما هم عليه وسيكونون معك الى الابد .. وأما إن تمسكت بما دعوتهم اليه فامر الاستقالة يبلغهم مأمنهم ومنيتهم .
فأي سبيل امامك ؟
بين العدالة والظلم خط فاصل ولكل فئة عينك و يدك التي تناسب . .
فعين الرحمة على الضعفاء من الفقراء والمساكين واليد هي تلك التي تحميهم و تتحسس اوجاوعهم وتمنحهم حق العيش الكريم .
والعين الحمراء على من طغى وافسد وكنز واكتنز واستأثر واستحوذ .
عندما لم تدرك الناس خطر السياسيات والاجراءات عند صدورها وهي في شكل حزمة القرارات اول الامر او انها تختار مواقف حزبية تايدا لحزبها لا التزاما بمصالح شعبها .. فانها لاتدري باخطار تلك السياسات عليها ومن تعول الا بعد ان تكون تلك القرارات التي كانت خطاء منهجيا قد صارت جحيما وموتا بعد مضي سنوات او عقود .
ومع ذلك هل ندرك ما حل بنا والى متى يستمر حالنا الصحي البائس
في امريكا على عظمتها تجاوزت احصائيات الوفاة من كورونا ال 100,000 انسان وفي بريطانيا تجاوزت الوفيات ال 48000 .
الاستشهاد بالارقام المفجعة عن دول عظمى مجرد رسالة للذين لايزالون يرون في نهج التوحش الرأسمالي هداهم ومهتداهم على طريق التقدم الذي يدعون .
فمنتهى هدى هؤلاء هو ناطحات السحاب لي وحدي ومدن الزنك والقش حولي للملاين ..
ولي ماتفيض به المناجم وعليكم شغل المعاول..
لي ثروة الوطن وعلى الملايين خدمة ( وطني !!!!) .
قلنا ان اليمن وعن وضعها الصحي فحدث ولاحرج .. مشافي الخاصة للتجارة .. وهي مجرد مكاتب محض تجارية لا تمد للمجتمع يد المساعدة بل تبحث في الكوارث والأوبئة عن فرص الربح .
…..
في كل العالم كشف كورونا المستور وكشف الواقع قبح الانظمة الرأسمالية وغياب دولة الرعاية الاجتماعية وباتت الدولة على ذلك النحو مجرد أوعية وقنوات توظفها طبقات المال .
باتت طبقة المال تحت مفهومية الدولة تشرعن باسم الدولة لاجوهرها وعبر هيئاتها الشكلية المصادرة باسم ديقراطية هي الاخرى صودرت ماهيتها الحقوقية بمضمونها الاقتصادي الاجتماعي الى مجرد مهرجانات انتخابية وقاعات فرز لبطاقات اقتراع في لعبة لخصها احدهم بقوله :
( ..في لعبتنا الانتخابية المرشح هو من يختار ناخبيه وليس الناخب هو من يختار المرشح ..)
اليوم امريكا تعيش حالة القشة التي قصمت ظهر البعير ولليوم الثالث على التوالي تجتاح مينابوليس مظاهرات واحتجاجات شعبية .
في مقابل النموذج البشع لأنظمة امريكا ومثيلاتها في الغرب .. لِنَنظر الى الصين حيث يقطنها اكثر من ثلث سكان العالم والدولة التي اجتاحها الوباء قبل غيرها ..
كيف استطاعت في ظل دولة الرعاية الاجتماعية ومدى انضباط و التزام الدولة تجاه مواطنيها و رعاياها في آن ..
و من هذه المقارنة نجد الخط الفاصل بين دولة الرعاية ودولة العصابة . ..