- كتب: خلدون العامري*
(1)
حسب تقارير منظمة الصحة العالمية فالأعراض تظهر على 17% من المصابين وهؤلاء هم ذوي المناعة الضعيفة وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والذين لديهم مشاكل رئوية،،
وبظهور الأعراض عليهم يمكن تجنبهم كما يمكن التعامل معهم بحذر.
إن أعراض وباء الكورونا تظهر على 17% من المصابين بنسب متفاوتة وذلك حسب تمكن الفيروس من الأجسام، بمعنى أنه:
إذا مناعتك ممتازة ستظهر عليك أعراض طفيفة.
إذا مناعتك نص نص سترهقك الأعراض السخونة المرتفعة جدا والكحة الشديدة وقد تصاب بالاختناق.
إذا مناعتك منخفضة الله يرحمك والجميل في هذا أنك لن تعاني لأكثر من يومين.
في حين أن أهم أعراض الكورنا هي فقدان حاستي الشم والطعم في وقت واحد. بهذه العلامتين المتلازمتين تتأكد 100% أنك مصاب بالكورنا.
بينما 83% من المصابين -وهؤلاء هم الخطر الحقيقي في تفشي العدوى-، لا تظهر عليهم أي من الأعراض، فيما تتم المكافحة داخليا، بمعنى أن المصاب حامل فقط يصاب ويعدي ويتعافى وهو لا يدري .. وهذه ماتسمى بالإصابات الصامتة وهي الغالبية العظمى، والتي لم يقدم العلم أي تفسير قاطع لها، مثلها مثل اوبئة اخرى تصيب الجميع لكنها تظهر على البعض وقد تقتلهم بينما البعض الآخر يكونوا حاملين فقط. على سبيل المثال الوباء الميكروبي الكوليري الذي يصيب البشر والحيوانات بينما تظهر اعراضه على فصيلة واحدة من البشر فقط حاملي الزمرة الدموية O بينما البقية مثلهم مثل الحيوانات يحملون الميكروب ويتسببوا في نقله للأخرين بينما لا تظهر عليهم أي من الأعراض ولا تحدث لهم أي مشاكل صحية.
إلا أن مصابي الوباء الفيروسي كورونا معرضون للخطورة البالغة بما فيهم أولئك الحاملين والذي لا تظهر عليهم الأعراض، حيث ثبت مؤخرا أنهم قد يموتون فجأة دون ظهور أي مشاكل صحية،، وهذا ما أكده المختصين الروس في علم الأوبئة، حين كشفوا أثناء تطوعهم لمواجهة فايروس كورونا في إيطاليا، أنهم سجلوا “حالات وفاة لأشخاص أثناء النوم، ورغم إصابتهم المؤكدة بفيروس كورونا، لم تبدوا عليهم أي أعراض للمرض، لكنهم ناموا ولم يستفيقوا”. حسب وكالة (اسبوتك).
(2)
هل وصل اليمن متأخرا.!؟
أم أنه تم الإفصاح عنه متأخرا.!؟
فايروس كورونا الذي طاف العالم بحثا عن وجبة دسمة يبتعلها دفعة واحدة تشبع نهمه؛ والذي قابلته جميع الدول بإجراءات تنظيم تفشيه، كلا حسب إمكانيتها الإقتصادية وطاقتها الإستيعابية في الرعاية الصحية ..
تقول السيدة ليز غراندي، منسق الشؤون الإنسانية لليمن إن احتمالية انتشار فايروس كورونا في اليمن سريع جدا “العوامل كلها موجودة هنا خصوصا النظام الصحي الهش والمثقل.”
وحسب التقارير العالمية:
“إن الأشخاص الأكثر عرضة للمخاطر هم من يعيشون في مناطق بيئية ملوثة أو فقر أو في مناطق تتسم بعدم الاستقرار الشديد، الناتج عن النزاع المسلح أو أثناء النزوح الجماعي، حيث تكون ظروف المعيشة محفوفة بالمخاطر والوصول إلى الرعاية الصحية محدود والتغطية بالإمدادات الطبية والتحصينات منخفضة.”
أدى العدوان والحصار الدوليين والصراعات والحروب الداخلية إلى انزلاق اليمن لأسواء كارثة انسانية عالمية.. أبرزها:
*الأوضاع الإقتصادية المتردية (اتساع دائرة الفقر وانقطاع أجور الوظيفة العامة والتضخم الجنوني في الأسعار، وتوقف عائدات المغتربين وتوقف عدد من المساعدات الإغاثية العالمية ونفاذ الودائع الأجنبية التي توفر المواد الغذاية الأساسية ونزوح أكثر من 3 مليون)،،
- الأوضاع البيئية الكارثية:
تلوث الماء والغذاء والهواء السيول الفيضانات الأعاصير تسرب مجاري الصرف الى المصادر المياه وتكدس النفايات وطفح المجاري، وتشكل البرك والمستنقعات، والإنتشار الكثيف للنواقل،،
- الأوضاع الصحية البائسة:
سوء التغذية تلوث الماء رداءة الغذاء
انتشار الأمراض وتفشي الأوبئة.
وانهيار المنظومة الصحية الحكومية نتيجة عجز الميزانية التشغيلية والتي تسببت ب تعطل نصف المرافق الصحية وتسرب العاملين الصحيين منها ونقص الإمدادات الطبية..
نتيجة للأسباب الآنفة فقد وصلت الناس إلى مستويات منخفضة من المناعة العامة، وبلغت مستويات عالية من الضعف الحاد؛ لذلك نرى الوفيات تسجل كل يوم بالعشرات والإصابات بالمئات في عموم محافظات الجمهورية. ففي عدن التي تعد بؤرة تفشي الوباء يتم تسجيل مابين 70 إلى 90 حالة وفاة في اليوم الواحد مقارنة بتسجيل 7 إلى 13 حالة ماقبل كورونا بالرغم من التفشي الدائم لتلك الأوبئة المستوطنة.
(3)
مناعة القطيع وسوء التوقيت:
“مناعة القطيع أو مناعة المجتمع، هي شكلٌ من أشكال الحماية غير المُباشرة من مرضٍ معدٍ، وتحدث عندما تكتسبُ نسبةٌ كبيرةٌ من المجتمع مناعةً لعدوًى معينة، إما بسبب الإصابة بها سابقًا أو التلقيح، مما يُوفر حمايةً للأفراد الذين ليس لديهم مناعةٌ للمرض.” حسب أدبيات الصحة العالمية.
يدرك العالم أنه لا يوجد علاج لمصابي الكورونا ولا يمكن التوصل إليه بعد سنوات، كما لايوجد لقاح يحمي الغير مصابين ..
وبعد اجراءات الحجر الصارمة التي نفذتها أغلب دول العالم والتي لم تجدي نفعا سوى تنظيم التفشي، حيث يتم التحكم بسرعة وحجم التفشي ليتوافق مع القدرات الصحية لاستيعاب المتضررين من الإصابة في أي بلد.
بيد أن إجراءات الحظر تسببت بكلفة باهضة كبدت تلك الدول خسائر فادحة تجاوزت ترليونات الدولارات. مع يقين تللك الدول أن لا دواء سوى المناعة المكتسبة لذلك تعمل جاهدة على ترشيد التفشي وفي الأخير سيصاب الجميع.
بينما هناك دول متقدمة ومنذ وقت مبكر أدركت تبعات الحظر وتعطيل العمل فعزفت عن الحجر والتقييد وتركت الحركة تمضي بسلام ك السويد.
وهذا ما أقرته مؤخرا عدد من دول العالم باعلانها التخفيف من الحجر والعودة للحياة الطبيعية، متراجعة عن تلك الإجراءات الإحترازية المكلفة.
كذلك هي دول الخليج التي جمعت مابين الخيارين ففي تعاملها مع الوافدين نهجت سياسة مناعة القطيع، دون أن تعممها على مواطنيها، الذي تعمل جاهدة على المباعدة فيما بينهم، وهذا ما أثار ضجة لدى المنظمات الحقوقية. =============================
(4)
ومن خلال المعطيات السابقة يتضح أن السلطات في اليمن قد حسمت أمرها مبكرا وشرعت بتطبيق مناعة القطيع،، وأمام هذه الأعداد من الوفيات لم يعد يخفى على أحد أن السلطات تخفي حقائق التفشي، كل ذلك من أجل أن تستمر الحياة بشكل طبيعي؛ فالبلد لا يحتمل إجراءات الحجر الشامل وحصار المدن؛ لأن هذا الإجراء مكلف، وقد يكون ثمنه أعلى من ثمن انتشار المرض على نطاق واسع.
أما اليوم وبالرغم من وصول الوضع الصحي إلى مرحلة فقد السيطرة كماهو حاصل في العاصمة عدن؛ يتضح أن السلطات مازالت عازمة المضي قدما بهذا الإجراء حتى يستفحل التفشي كل شبر في البلد، مراهنين على أنه إلى ذلك الحين سيكون الشعب قد قطع شوطا كبيرا في استيعاب الوباء وفي اكتساب المناعة، وهذا مايعرف بمناعة القطيع في ظل غياب اللقاح الطبي،،
يرى المختصون أن نسبة التفشي في المحافظات الجنوبية خصوصا عدن ولحج قد بلغت 50 إلى 60 % فيما لم تتجاوز بعد في صنعاء 10% حيث متوقع أن تبلغ في 20 مايو/أيار من30 إلى40 وستبلغ ذورة التفشي بتصاعف ظهور الأعراض بحلول يونيو/حزيران القادم. بينما في تعز واب قد وصلت إلى أكثر من 20% ..
وحسب خطة السلطات يفترض الوصول حتى الاستقرار الكوروني بحلول اغسطس/آب القادم. ومنذ أن أقر هذا الإجراء قبل أشهر وصلت إلى مطار عدن طائرة الصليب الأحمر محملة ب 50 ألف كيس بلاستيكي خاص بتغليف جثث الموتى كدفعة أولى، وبالأمس تصل طائرة الصليب الأحمر إلى مطار صنعاء محملة بالمساعدات الطبية -أكياس لف الموتى- لتمضى على خطى عدن.
(5)
ظهور سلالة جديدة أشد فتكا:
وفي حين أن الكورونا تفشى بالتزامن مع بداية موسم الأمطار التي تسببت بكوارث بيئية كبيرة والتي ضاعفت من تفشي مختلف الأمراض التنفسية، والحميات والملاريا تلك الأمراض التي لاتقوى على حصد هذا العدد الكبير من الأرواح كما تفعلها اليوم بتعاونها مع فايروس كورونا الذي يسري في البلاد منذ أشهر بعلم ودراية واقرار الجهات المعنية ..
إلا أن الصحة العالمية والمنظمات الدولية العاملة في اليمن يدركون جيدا حقيقة حجم تفشي الأوبئة وانتسار الأمراض، ويدركون مايمكن أن تشكله من خطورة بالغة على العالم بأسره، فقد كان لهم موقف مغاير من تطبيق مناعة القطيع على اليمنيين، ولم يكن اعتراضهم انساني تجاه مواطني اليمن، فهم يدركون جيدا أن هذا الحل هو الأمثل في العالم أجمع إلا أن اعتراضهم كان على التوقيت فقط. معربين عن خشيتهم من تحور الفايروس التاجي واندماجة مع أي من الأمراض التنفسية في هذه الظروف البيئية التي نشطت فيها الأمراض والأوبئة والذي قد ينتج عن ذلك الاندماج سلالة تاجية جديدة تكون أشد فتكا.
وهذه المخاوف هي مادفعت المجتمع الدولي تسليم الملف الصحي في عدن لأطباء بلا حدود، والضغط على حكومة صنعاء القبول بتسليم الملف الصحي كليا للمنظمات الدولية اشراف وتنفيد وادارة، إلا أنه قوبل بالرفض وهو ماظهر جليا في اليومين الماضيين من تعليق اعمال الصحة العالمية في مناطق سلطة صنعاء احتجاجا على هذا الرفض.
(6)
وفي ظل هذا التفشي الكروني الغير مسبوق واستغلال للمخاوف الدولية من تطوره يبقى السؤال:
هل سيجد الوباء ضالته في هذا البلد المنهار إقتصاديا، وبيئيا، وصحيا.!؟
هل سينظم إلى مضمار الساحة اليمنية إلى جانب كل من (عدوان الخارج وحروب الداخل والفساد والكوارث الطبيعة والأمراض والأوبئة)، التي تتنافس مجتمعة منذ سنوات ، على زهق أرواح اليمنيين.!؟
هل سينتصر وباء الكورونا على وباء الفساد والفاسدين، المتاجرين بصحة ومآسي الناس.؟
أم أن الفاسدين أشد بأسا وأكثر خبرة وسيستثمرون هذا الوباء على حساب الأرواح والبيئة والصحة والإقتصاد كما استثمروا وباء الكوليرا من قبل.؟
تاركين المخاطر البيئية تستشري وتتمدد مقدمين بذلك حافز للأمراض والأوبئة الفتاكة كي تنتشر بين المواطنين. بينما لاهم لهم سوى زيادة فرص الاستحواذ على المساعدات وجمع أكبر قدر من المال .!؟
- وحدة طوارئ المياه والإصحاح البيئي