- نبيل الشرعبي
لا ألوم من يؤمنون من الشباب اليمنيين بوجودية الكون وطفرة الخلق، بل أتمنى منهم النظر إلى الزاوية الأخر التي يكفرون بها وهي الدين والرب.. في هذه المعادلة من يؤمن بحرية معتقده كوجودي ويطالب باحترامه ويدعو إلى اعتناق ما يعتقد به، فإنه لا يختلف عمن يشكو منه- أي الديني- فكلاهما يمارسان التسلط، الأول باسم الوجودية والثاني باسم الدين ولكون الأول يجزم بصدق معتقده الوجودي ويشتكي سلطة الديني، فإنه يكون أسوء من الديني لأن الوجودي يؤمن بحرية مطلق العقل ويمارس تسلط أبشع من الديني..
أعتنق ما شاءت ولا تسفه ما يعتنق الأخر.. أما أن تعتنق اعتقاد وتراه هو الصائب وتلغي الأخر وتعتدي على اعتقاده وتسفهه، فإنك تكون وضعت نفسك أمام رد فعل إما عليك تقبله دون انهزام أو لتحترم ما يعتنق الأخر وتقبل التعايش دون تسفيه كلاكما للأخر.
شباب يمنيين يشكون السلطة الدينية والوصاية الأبوية وتقييد حرية العقل والجسد، وبمجرد أن يفلتون مما يسمونه التسلط الديني الخرافي، يمارسون وصاية أسوء وأرذل. فلكي تكون بنظرهم سوي عليك أن تؤمن بما يرونه صائب وإلا فأنت لا تستحق الاحترام ويصل الأمر للتسفيه.
يا هؤلاء تعلموا ماذا يعني الاختلاف ثم تحدثوا. أن تشتكي من التسلط وتمارس أرذل منه وتزيد عليه أن تلغي العقل وحرية التفكير والاختيار فهو قمة الخواء.
التحرر لا يعني أن يؤمن الأخر بما تؤمن به لمجرد أنك تراه الصحيح.. التحرر أن تقر بحق الأخر في الإيمان والاعتقاد بما يراه وأن تعيش دون تسفيه للأخر ونفس الشيء ينطبق على الأخر وإلا فكلاكما يعيش مرض التسلط ذاته ومرض الإلغاء نفسه.
يقال اللاديني أخطر على العقل والحياة من الديني، فعلى أقل تقدير الديني يعتقد أنه يتكئ على سلطة ومرجع أما اللاديني فإنه يتكئ على مطلق التحرر والتابعية ثم يحاول أن يفرض كرها تقديس اعتقاده ويلغي العقل الذي يقر بحريته الديني ولو نسبياً.
تحرروا من عقد النقص وتعلموا فن الاختلاف والتعايش. تعلموا الحب لا الكراهية والتسامح لا الحقد. تعلموا كيف تكونون بشر لا أوصياء ومسفهين لسواكم كي لا يمارس الأخر نفس شذوذكم ثم تولون وتبكون بأنكم مستضعفون ومظلوم فيما أنتم تمارسون ما هو أبشع. فالحياة ليست مركبة على ما تعتقدون أو يعتقد الأخر بل على العقل الراجح الذي يقر بأحقية وجودكم وحياتكم، هذه المعادلة التي لا هم لكم ولا لهم سوى نفيها والعيش وفق رغباتكما معاً.