- كتب: زكي حاشد
النموذج الاقتصادي الذي نعيشه حاليا وصل بنا من الجشع إلى درجة لم يسبق لها مثيل ووصل بنا إلى درجة من الأزمات لا سابق لها، من 1929م إلى اليوم نعيش حالات متزامنة من الأزمات، لكن الجشع يزداد والطمع يزداد و1 بالمئة يسيطرون على ما يعادل أملاك 3.8 بليون شخص في العالم.
وهذه في الحقيقة حالة غير قابلة للاستمرار، كيف يمكن لنا أن نخرج بأفكار جديدة لاقتصاد عالمي جديد؟ هذا جدل إنساني عالمي سوف يحتدم في قابل الأيام لمحاولة الإجابة على هذا السؤال.
- تعدي سنن الله في الخلق والوجود
هناك سنن خلقها الله سبحانه وتعالى لحفظ الميزان الطبيعي، وهذه السنن إذا لم يراعيها الإنسان وأخلّ بها فإن آثارها تكون مدمرة.
يقول الله سبحانه وتعالى «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ» [ سورة النحل: 112] فلباس الخوف والجوع يقع عندما تختل علاقة الإنسان بالإنسان وعلاقته بالطبيعة.
البشرية عتت عتوا كبيرا في مجال الطبيعة. قبل شهور قليلة كنت أقرأ مقالا عن الحرائق في أستراليا وقبلها الحرائق التي أطاحت بجزء كبير من الأمازون، يقول فيها الكاتب أن رئة الكرة الأرضية تفسد، فهذه الغابات تنتج الأكسجين اللازم للكائنات الحية بما فيها الإنسان، واحتراقها كان بسبب التغير المناخي climate change وهو مظهر آخر للجشع الإنساني واللهاث المحموم خلف سراب النمو الاقتصادي المتواصل الذي لا يزيد البشرية إلا معيشة ضنكا وسوء عاقبة، ولا يمنحها سعادة ولا هناء ولا رخاء.
الأرض اليوم مصابة سقيمة، والإنسان أصابها بهذا السقم، ومرضها يعدي الإنسان والحيوان والكائنات المختلفة. ينبغي لنا أن نعترف ككائنات بشرية في هذا القرن أننا الأسوأ في تاريخ الإنسانية من حيث اعتدائنا على سنن الله تعالى في التوازن الطبيعي، وتغييرنا لخلق الله، وإضرارنا بمصالح الخلق عامة. لقد أودينا بعشرات الآلاف من أنواع الكائنات الحيوانية والنباتية التي انقرضت بسبب طمع الناس غير المحدود. وهذا يعود علينا وبالا، لأن ما يقع في الطبيعة من خلل يقع في الإنسانية.