- كتب: ماجد المذحجي
طه الجند شاعر استثنائي، لا أحد يمتلك نبرته وحزنه وتلك الطريقة المتفردة التي يصيغ فيها كل شيء على هيئة نصوص مدهشة. هو تعريف كثيف للبساطة والتناقض مع التكلف، رجل يذوذ عن نفسه بالشعر، ويستطيع لوحده أن يواجه العالم كاشفاً عن ضعفه وتهافته وتلك المناطق الهامشية فيه.
هو رجل “قروي” جميل حمل أحلام “اليسار” والمساواة وغادر قريته الكائنة في جبال وصاب العالية بحثاً عن فرص الحياة والكتابة، ليتورط لاحقاً في كثافة المدن وإرباكاتها، ويدون على هامشها ملاحظاته وغضبه وحنينه وشيء من سيرته الشخصية بنصوص لا يمكن وصفها بأقل من الاستثناء في الكتابة اليمنية والعربية.
يحتفظ نص طه الجند بتلك الحالة الفريدة التي تجمع بين التكثيف والاسترخاء في الصورة واللغة، كاسراً شرط اللغة الشعرية الحديثة الذي وسمها بالإنغلاق والتعالي، مُسجلاً إنتماء كتابته إلى بساطة فاتنة تعكس علاقته العميقة مع اللغة وقدرته العالية على الإمساك والتلاعب بها، وتوظيفها لتكون على هيئة ما يريد تماماً.
أستطاع طه أن يحتفظ بروحه المرحه والساخرة على الدوام في مواجهة تقلبات الأيام وحظوظها، مُنتمياً في كل الظروف لما تبدو قيماً خاسرة ضمن تعريفات “الفهلوة” السائدة، فهو منحاز على الدوام للناس ويستطيع دوماً التعرف على مخاوفهم وقلقهم ورأيهم عبر تجربته الشخصية المنتمي للمعاناة السائدة، ليتجلي دوماً كـ شاهد مختلف نظر بشكل أعمق من الأخرين، وليُدلي بـ الحقيقة التي لديه على هيئة نص شعرياً كثيف وحزين وكاشف على الدوام.
لا يمكن الحديث عن طه أيضاً بعيداً عن فكرة عدم الإنصاف، وكيف يكون رجل مثله – بما يمثله من تجربة شعرية إستثنائية وحضور شخصي مُلهم – مُقيماً في الظلال وبعيداً عن الإعتراف والتكريم والإحتفاء. تحية لطه الجند إنسان وشاعر مختلف ومُلهم…