- محمود ياسين
يا صديقي اكتب فقط
مدن لا يعرفها العابرون
ستجد الكثير من الروابط لتتمكن من تنزيل الكتاب بي دي إف
أما لماذا هذا الحماس ؟ فلأنني استعدت أيام كتابة الاستطلاعات وكأنني كنت في كل مرة بصدد إنجاز سمفونية أو تحفة فنية , أعرف أعرف أنه لا أحد يصف أعماله بهذا السخاء تجاه موهبته الشخصية لكن هذا هو الأمر ، وكأنه من الهدر أن يغيب هذا الكتاب في النسيان , أتذكر كيف كتبت عن حضرموت وكم أن الصحافة كانت باعثة على الشغف والتحدي وكيف حاولت إنجاز نغمة حضرمية قد تدفع الذهن العام للرقص .
وفي الطريق إلى الحديدة كتبت هكذا : لا تحاول عد المنعطفات ، فالطريق إلى الحديدة يشبه أمعاء بغل ، وإذا التفت للخلف ستكتشف أن ملامح ركاب الباص بفعل المنعطفات قد اتخذت حالة اشمئزاز جماعي وكأنهم فرغوا للتو من ابتلاع جرعة ملح انجليزي
يالها من بداية مرحة عند العصر ، ذلك المرح الذي ما أن وصلت به لمساء ساحل الحديدة حتى عبثت به عاطفة المدينة وحولتني إلى حزن يحدق في ظلمات الموج والبحر عاد لحظتها لما قبل عشرة آلاف عام : كائن عملاق وحيد يعاني الأرق .
البحر في المساء يوحي بدنو الأجل وتوقظ فيك الحديدة مخاوفك ونقاط ضعفك وحسك بكونك مقصر تجاه زوجتك وأطفالك .
سرديات تصل لأكثر من عشر محاولات لإعادة تكوين الأمكنة وفقا لسيكلوجيا مركزية اصطحبتها من ليالي الدنوة مثل نغمة أساسية لأكثر من لحن يمني يشي بإيقاع قلق متوحد وعرضة للهجس والتوقعات .
كنا أيامها في مجلة نوافذ إبان مجد الصحافة لحظة وصلت من الدنوة باحتدام القروي الذي قرأ الكتب ومستميت للتأنق بالسرديات والإدهاش وإيجاد مكان تحت الشمس .
لم يكن لأي من طاقم نوافذ هذا الحس بالضرورة وخلق الذات وتقديمها للقراء والمهتمين مزيجا من الأناقة والمعرفة وغلمة الحكايات ، جينز وفانلة تي شيرت ، المصروف في جيبي والكاميرا على كتفي وأمضي لأعب اليمن وألتهم التضاريس وملامح الناس على حافة الحفر في التاريخ والأنثروبولوجيا وأكتب أكتب أكتب مستعيدا في كل عمل صحفي تلك اللحظة وأنا في حزيز هامسا لنفسي : سأغزو هذه المدينة .
حاولت نقل الرابط إلى هنا ولا أدري لماذا يتعنت الجهاز ويطلب إجراءات لا تحتملها لحظة الحماسة , حماسة قارئ لما كتب , قارئ لطالما اقتسم لحظاتكم التي لا تكتفي من محاولة الانسجام مع المكان وفهمه من خلال إعادة سرده .
نوع من حيلة سيكولوجية تنشد ترويض الزمن والتضاريس بالكلمات .