- عبد الرحمن بجاش
ليس أجمل من السعدني ، يطوف بك في أرجاء المعمورة خلال ساعة واحدة بمهنية عجيبة ، مفعمة بكل ما تبحث عنه في الواقع عند البسطاء من جزارين وحدادين ونجارين وعتالين وكل أنواع الطيف الشعبي ، يعود بك إلى مكانك على بساط من كلمات سهلة تنفذ إلى أعماقك ،كما يصل إليك من بعيد الزمن صوت ” الشعب ” كما أطلق على صوت ذلك المقرئ العظيم الشيخ محمد رفعت ، الذي كان الاقباط يسمعون القرآن بصوته ،وخرج مكرم عبيد – أشهر محامي قبطي في مصر دافع عن المسلمين – في جنازته احتراما له ولما كان يمثله ، قال عنه الشعراوي: (( هو كل هؤلاء جميعا….))…ودعاه عثمان حيدر أباد أحد أمراء الهند العظام واحد أثرياء العالم – حينها- لإحياء ليالي شهر رمضان ..وقال عن صوته الشيخ محمد الصيفي ابو ” القراء” ، وكان يقيم الأصوات فلم يذكر رفعت ، فسألته , قال : صوت محمد رفعت لم يكن كبقية الأصوات تجري عليه أحكام الناس ، لقد كان هبة السماء ….
وانظر فقد ترك بعده ثروة لاتقدر من اسطوانات باخ ، وموزارت ، وبيتهوفن ، وعدة اسطوانات اخرى للعازف الكبير باجانيني ، وكان يقضي أمسيات طويلة مع هؤلاء العباقرة الأفذاذ يستمع إلى النغم الرائع الذي ابدعوه فظل مخلدا على الزمان .
“…..لم افكر في إعادة طبع الكتاب إلا بعد رحلة السياحة الطويلة التي قمت بها مرغما خارج مصر، وبعد أن أكتشفت خلال الطواف بأنحاء العالم العربي ، كم هو ثمين هذا الكنز الذي وهبنا الله إياه ، متمثلا في هذا الفن العظيم ، فن قراءة القرآن” يقول السعدني …
إلى أن ينبه إلى مسألة مهمة وهي أن هناك من أفتى بأن ” الصوت الجميل يتعارض مع القراءة الشرعية ” ويدلل بحكاية الأذان ،وكيف أن الرسول منع الصحابي الذي حلم بنص الأذان من الصعود ليدعو به الى الصلاة ” دع بلالا يؤذن ، إنه أندى منك صوتا”..
أي زمن عظيم أو أزمان عظيمة مرت بها مصر، فالأسماء العظيمة في كل مناحي الابداع ترددت وسمت وغطت السماء كلها ، حتى أتت العاصفة فتقزم الزمن هناك وفي كل انحاء العالم العربي بسبب الإدمان على الجمود ، وهانحن بانتظار الدورة الجديدة له لنرى أي زمن سيكون …..
- أتمنى أن يقرأ كتاب ” ألحان السماء ” للقلم الكبير محمود السعدني ،كل من له شغف بالقراءة ، وعلى كل حال فبحر الإنترنت موجود بين لآلئه أصوات السماء ….
لله الأمر من قبل ومن بعد .