- عبدالرحمن بجاش
تولاني شعور بالراحة لأول وآخر مرة لسقوط أحد أرفف مكتبتي، إذ وقعت عيني عليه بعد غياب قسري بين الأسماء والكتب طال جدا، حتى صرت ألوم نفسي ، فقد أعتقدت أنني أعرته أحدا ممن لايعيدون مايستعيرون …
السعدني لا غيره هو من ضاع عني وسط الزحمه بأجمل ماكتب ، وأجمل كتبه على الإطلاق – على الأقل في نظري – ، فكتابه ” ألحان السماء ” بصفحاته ال134 , حاجة أخرى تماما ، غير كل ما كتب ، فقد أسمعنا أصوات السماء بقلمه وحبر البسطاء في الشوارع …
قدم للكتاب فضيلة الشيخ الشعراوي رحمة الله، كتب مقدمة بقلم من الذهب ، فقد قرأ له أحد مريديه فصول الكتاب ، فكتب كما لم يكتب : ” ما أحسن ماسمعت ، وما أروع مادعيت له ، وما أروع إستجابتي له ………
فهنيئا له حين يتوج رحلته القلمية بهذا الشرف العالي ،الذي عاش فيه مع كتاب الله ، وبدأه بأول مرحلة فيه ،وهي الصوت ألذي نطق ، بعد الأذن التي إستمعت ، وأشاعت أنغام الجلال ، في آذان الخلق جميعا …..
يختم مقدمته البديعة التي لن أفسد عليكم التمتع بقراءتها ،فلا يزال فيها الجميل : بارك الله فيك يامحمود ، وبارك منك ، لتكون أسوة لإخوانك ، فرسان القلم ، ليجعلوا من كتاباتهم جانبا لله ، فذلك خير وأبقى.”…..
أما السعدني فقدم ألحانه كما لم يقدم لكتبه الأخرى ، على بعض من كلمته المعنونة ” في البدء كانت الكلمة ! ” : ……..وبعد أن إكتشفت خلال الطواف بأنحاء العالم العربي ، كم هو ثمين هذا الكنز الذي وهبنا الله إياه ، متمثلا ،في هذا الفن العظيم ،فن قراءة القرآن الكريم ……بعد أن أكتشف أن لا نسخة لديه من الكتاب الذي صدر في إبريل من العام 1959….
كان الشيخ الشعراوي قد أشار إلى : ……قمة الأحكام كالحصري مثلا ، ومنهم قمة الصوت الجميل كعبد الباسط ، ومنهم قمة الفن الرفيع الرائع المستحيل الجميل ، كمصطفى إسماعيل ، ومنهم جامع كل ذلك في إئتلاف لايرتفع فيه فن على فن كالشيخ محمد رفعت ، فهوكل هؤلاء جميعا ، ويزيد إنه عالم بما يقرأ، تستطيع أن تفهمه بمجرد نطقه للكلمة ، ولمحبيه – في عصره – حكايات عن هذا الفهم الرائع لما كان يقرأ في مسجد فاضل بدرب الجماميز.
انا لا أكتب للجمعة ،لكن لأنه محمود السعدني ، ولأن الكتاب ” ألحان السماء ” الحلقة الثانية غدا ….
لله الأمر من قبل ومن بعد .