- كتب : مبارك اليوسفي
ما يبدو في الصورة من مخيم ليس لأسرة نازحة ولا منزل أحد المهمشين على الأرصفة، إنما هو سكنٍ يأوي أسرةً ليست بالنازحة ولا المهمشة، إنما هي عزيزة ذلتها الحياة.
في لحظة فارقة وبتوقيت جذب المشاعر وتكسر الإنسانية وجد خليل هزاع ثابت إبراهيم من أحد مديرية جبل حبشي بني خيلة بلاد الوافي، ويعول أسرةً مكون من ست بنات وثلاثة أبناء، وجدوا أنفسهم على خارطةً تخلوا من عبق الانسان. خليل وأسرته جار عليه الزمن وبني الانسان معًا وقست عليهم الدنيا، ورمت بهم خارج حلبة الحياة المحاطة بأخلاقية البشر السوية، حيث بهذه البلاد لا مكان للضعفاء والكادحين الذي بقطرون ضوء مقلهم ليطعموا فلذات أكباهم رغيف خبزٍ حلا.
في البداية كان يسكن حليل مع أسرته في “صندقة” صغيرة مكونة من غرفتين، وهذه الصندقة كانت لأبن عمه، ظل بها عشرات السنوات مستور الحال، وعاش بها كأي مواطنٍ يمني فقير ومهمش، ومستور الحال، ظل الفقر ينهش منه ومن جسده النحيل، وظل هو يقاوم الحياة ويؤسها.
في تلك الفترة كان الوضع مستقرًا في البلد ولكن وضع خليل لم يستقر يومًا، حتى اجتاحت الحرب البلاد وازداد الأمر سوءًا، فزادت حالة خليل سوء أكثر مما كانت عليه.
ودون مراعات للإنسانية أو القرابة الاسرية ولا حتى الجانب العرفي أو القبلي طردت هذه الأسرة من ذلك المأوى البسيط والمتواضع، والكارثة أن من طرده عمه شقيق ابيه.
عبد الولي ثابت عم خليل، وأحد من اعيان المنطقة وله نفوذ كبيرة من وقت طويل لاسيما فترة النظام السابق، وتحت مبررات واهية وأحكام زائفة وقضاء فاسد أدعى أن شقيق خليل مدان له بمبلغ مالي كبير، لكن هذا لا يشفع له أن يرمي بأسرة كاملة إلى الشارع.
وبعد أن وجد خليل نفسه مرميًا بالشارع دون مأوى يأويه من برد الشتاء رفع أعمدت هذه الخيمة لتكن هي مأواه الأخير والامن من شر البشر وبطشهم.
يتحدث أحد أولاد خليل والغصة بادية على ملامحه أنهم لا يستطيعوا النوم من شدت البرد، ويعقب أن هذا البرد أرحم من جحيم عمي.
بينما يؤكد خليل أنه حتى بعد ما خرج من صندقة عمه لا زال يتعرض للكثير من المضايقات منه، وعلى مراء ومسمع ممن هم بجانبه، ووصلت المضايقات حد التهديد بالقتل من قبل عبد الولي وحرق الخيمة بمن فيها.
زوجة خليل هي الاخر لم تسلم من هذه الحالة التعيسة حيث أنها فقدت جنينها بسبب البرد والخوف الذي عاشته، لم يسلم من بطش هذا الطاغية حتى الجنيين الذي لم يخلق بعد.
يقول خليل إنه لا يعلم لمن يشكوا إليه حاله، لكونه رجلٌ مسالم، وعليه فهوا يحمل الأجهزة الأمنية وأعيان المنطقة مسؤولية حياته ومصير أسرته المهددة بالموت كل يوم.