- كتب : طارق السكري
.. كل ما في ذواتنا ينطق بلغة المجاز .. أفكارنا وخواطرنا وخيالاتنا ومشاعرنا .. إنها كي تخرج إلى العالم تحتاج إلى هيكل تتكئ عليه أو نفقا تعبر من خلاله إما عن طريق المنامات الليلية أو عن طريق قوالب فنية تصنعها الضرورة والوقت والحاجة .
الأستاذ يشرح للطلاب ينطلق من المجاز يقرب المعنى فيضرب مثلاً إما أن يستحضر بيتا شعريا أو حكمة أو واقعة تاريخية ..
الرَّسَّام ينطلق من المجاز فيتسخدم الألوان المتعددة والمراسم والأقلام الخاصة والألواح والخطوط المختلفة
الموسيقيّ ينطلق من المجاز فيعبر بالنغم وبالمقام وبالصوت عن طريق آلة أو عن طريق حنجرة بشرية .. يعبر بالموسيقى عن المعاني والأفكار والأخيلة .
الشاعر ينطلق من المجاز فيستخدم اللغة الشعرية المخصوصة والصورة الشعرية فكأنك أمام طبيعة مختلفة .. طبيعة ذات روح تتنفس وتتحرك وتتكلم .
وجدَّاتنا كي يساعدننا على تحمل أعباء الظروف أو يساعدننا في النوم يستخدمن المجاز قصص ألف ليلة وليلة أو أسطورة من الأساطير .
الحياة لوحة فنية وقطعة موسيقية وقصيدة شعر .. أنغام ملء سمعي .. حبٌّ ملء قلبي .. كائنات تقوم لعيني .. الأشجار الأرض الرياح كل شيء يتكلم إليّ .. يحسّ .. يتألم .. يحلم . أين نهرب من الفنّ ؟ لقد حفظ الله الأرض بالفن حيث الذوق الإنساني الرّاقي .. التواضع .. الرحمة
حيث الإحساس بالجمال .. الإحساس بالأناقة .. بالسُّمو
أترى حياة تمدُّنا بكل هذه النّعم الخلاقة .. ألا تستحق أن نعيشها بسلام ؟
هل عجزت أرواحنا أن تسمع شيئاً مما تحمله النسائمْ ؟ هل عجزت قلوبنا أن تكون مستودعا لأصداء الحمائمْ ؟ هل عجزت محاجر عيوننا أن تبكي عندما ترى نازحاً يحمل أرفع الدرجات العلمية يمشي حافي القدمين يناشد رب السموات العلى أن ينزل الرأفة في قلب وزير كي يصرف راتبه ؟!
أما الفن فرأينا من انحرف به إلى التفسخ والعري والمجون .. وأما نظريات الجمال فقد وضع الأثرياء لها أسواقا لبيع الرقيق !!!