- فتحي أحمد عبدالرحمن
لم أكن أكتب الشعر
أو أي حرفٍ لكم ،
ولا شيء
أكتبه ” للمدينةِ ”
دون اكتراثٍ بها أو بكم_ ربما مثلكم !!
حين لاتدركون
اضطرابات عمق البحارِ
وما يستجدّ بقيعانها
وأنتم
عراةٌ وشبهُ عراةٍ
في نشوةٍ
تستجِمّون مبتهجينَ
ومن فوق سطح السفينةِ
يبدو المحيطُ لكم
صفحةً مستكينة !! …
لم أكن أكتبُ الشعر قَطعَاً ..
أنا ..كنتُ أمشي على قلمي
و ” المدينةُ ” ليست ورائي
وليست أمامي
ولم يحتضن كفُها
مثل عاشقةٍ مِعصمي
” المدينةُ ” .. حبرُ يراعي
ولكنني
حين يَنفَدُ حِبرُ اليراعِ
أحقنهُ بدمي ….
“عدنٌ ” توأمي
هي الطفلُ
حين بدأتُ ارصُّ حروف الكلامِ
وقد كنتُ أخطيءُ
في جدول الضربِ دوماً
فكنَّا .. أنا و ” عدن “
نتضاحكُ سراً على سِرنا
ونخبيءُ اخطاءَنا
أنا و ” عدن “
فتفهمُ أمي تضاحُكنا
وتعاقبُنا
بأكلِ المزيدِ من الخبز
شُربِ كؤوسِ اللبن !! …
لم أكن اكتبُ الشعرَ أيضاً لأمي
فكانت تعاتبُني تارةً
وتزجُرني تارةً
وحينَ يزيدُ عُقوقي
كما تدَّعي
تحبسُني تارةً وسطَ خُوفي
وأُخرى .. بين سياج الألم ،
وهي ليست بمدركةٍ أنني
أظلُّ طليقاً مع توأمي
ضحوكاً سعيداً مع توأمي
وهذا القلم ….
وحينَ كبُرتُ قليلاً
خَطَفت صرعةُ الموتِ أميَ
ذاتَ ضُحىً
وهي في غايةِ الإكتئاب ،
والشمسُ لاعنفوان لها
هجرتنا
وظلّ النهارُ
يراوحُ خلف السحاب !
وتعاقبت الأمهاتُ علينا تباعاً
إثرَ هذا العزاءِ
ليبدأ فصلُ اليباب !!
أسلموني
أنا و ” عدن ” واليراع
لحضنِ الغياب ..
ملَّكونا على ارضِنا
حفنةً .. من سراب ..
والسماءُ .. الى يومنا لم تزل
ملبّدةً بالضباب !!!
- عدن