- يحيى الحمادي
بَالَغتُ رُغمَ الضِّيْقِ بِالتَّحلِيقِ
ما أَجمَلَ التَّحليقَ رُغمَ الضِّيقِ
نَبَتَ الجَناحُ فَطِرتُ -لا لِأَطيرَ- بل
لِيَكُفَّ نابُ الأَرضِ عَن تَمزيقي
أَتَكُونُ أَجنِحَتي عليَّ فصيحةً
وأَسِيرُ بالقَدَمَينِ كالبِطريقِ!
أَنا مَن طَهَوتُ النَّارَ، ثُمَّ صَعَدتُ مِن
بَين الرَّمادِ كَطَائرِ الفِينيقِ
النَّاسُ تَصعَدُ لِلسَّماءِ بِطَلقةٍ
وأَنا صَعَدتُ بِسُلَّمٍ مُوسِيقي
لَم يَلتَفِت أَحَدٌ إليَّ، لَأنني
أَعلى مِن التَّكذِيبِ والتَّصدِيقِ
شُرُفاتُ صَنعاءَ القَديمةِ لم تَجِد
سَبَبًا لِتَسألَ عَن مَدَى تَحدِيقي
لكنَّني حَدَّقتُ.. حتى طارَ بِي
شَجَنِي، وأَسكَرَ كَرمَتِي إِبريقي
وهَتَفتُ بِالوَطَنِ المُوَدَّعِ: إِن أَمُت
فالمَوتُ ليس نِهايةَ التَّشويقِ
وَطَنٌ هي الكَلِماتُ حِين تَعِيشُ في
وَطَنٍ يَرَاكَ كَلاجئٍ إفريقي
طَغَتِ السِّياسَةُ فيهِ، حتى أَصبَحَت
فِقهَ الفَقِيهِ، وحُجَّةَ الزِّندِيقِ
لا أَنتِ شاعرةٌ ولا هو شاعِرٌ
ما دام رَبُّكُما عَصَا التَّحقِيقِ
كان المُثَقَّفُ جامِعًا ومُوَحِّدًا
واليَومَ داعِيَةً إِلى التَّفريقِ
والنَّازِفُونَ على البِلادِ دِماءَهُم
تَعِبُوا مِن التَّغريبِ والتَّشريقِ
والعائِدُونَ مِن الحِوَارِ تَغَامَزُوا:
بَعدَ “السُّوَيدِ” حِوارُ “مُوزنبيقِ”
هذا زَمانٌ لِلخِدَاعِ.. فَصَفِّقُوا
إِنَّ الخِدَاعَ أَحَقُّ بالتَّصفِيقِ
وأَنا خَدَعتُ الشِّعرَ حِينَ خَسِرتُهُ
ولقد دَعَوتُ عليهِ بِالتَّوفِيقِ
ماذا سَيحدُثُ لو هَذَيتُ بِحِكمَةٍ
وزَعَمتُ أَنّي شاعرٌ إغريقي؟!
ماذا سَيحدُثُ لو كَتَبتُ قصيدةً
غَزَليَّةً بالدَّمعِ لا بِالرِّيقِ؟!
ماذا سَيحدُثُ لو نَثَرتُ هَزَائِمِي
نَثرًا يُسَوِّقُهُنَّ بالتَّعويقِ؟!
كُلٌّ يُسَوِّقُ لِلُّصُوصُ خِداعَهُم
لا بُدَّ لِلشُّعراءِ مِن تَسوِيقِ
ماذا سَيَصنَعُ بِالقَصيدةِ شاعرٌ
مُنِعَت حَبيبَتُهُ مِن التَّعلِيقِ!