- نزار القاضي
سنين طويلة مضت عشنا فيها بتمرد وفوضوية في الوقت والأحلام .. لم ندرِ يوماً إلى ماذا نمضي أو ما الذي نريده.
لكن الآخرون هناك من لا يمضغون القات مثلنا يخبروننا دائماً عن أولوية التنظيم، تنظيم العمر وترتيب الإرادة كوسائل وحيدة لادراك المرء سعادة العيش ونجاح الأثر.
وأزعُم أني ارغب في أن أجرب التنظيم هذا، أن ابدأ يومي برياضة وطعام صحي وأنهيه بالنوم المبكر كما يفعل الغربيون، سأنقي أحلامي من عيني الحبيبة ومن بيت جدي في القرية ومن بطولتي اليومية في انقاذ طفلة صغيرة تسير في مخيلتي الغبية كل يوم ممسكة بيد شقيقتها الحسناء فانقذتها من الموت حينما كادت أن تسرق براءة روحها سيارة تركض بجنون في طريق حلم يقظتي الذي يفضي لنشوة روحية قصيرة ، حقاً سأستبدل سخافات ما أسميتها أحلامي بشهوات امتلاكي منصب كبير هام في قيادة الدولة ولفيلة كبيرة جميلة تحوي سيارات من طراز يجذب أنظار مارة الشوارع حين أسير بها من امامهم، ولرصيد من الأموال كافي لجعلي أتمدد على كرسي الضيف حينما ألتقي برئيس الدولة واهم وزرائه وكبار رجالات التجارة والبلد، في البدء سارتب شهواتي هذه بشكل تصاعدي مزمنٌ لتبدو منطقية بعد حين حينما يفصلّها مدرب تنمية بشرية للمغفلين الذي ينصتون بحماس وتفاؤل لقصص النجاح التي يرويها مقابل 30 دولاراً يدفعها كل مغفلٔ مُنصتٌ منهم…
لكن هل ثمة سعادة في كل هذه الرغبة؟
سعادة .. هذه المفردة اللعينة التي خدعت بها الشياطين آدم أبانا الأول في السماء، جعلته يمضغ القات اللعين كي يجد السعادة، وحين مضغ اللعنة لم يجد الا الشقاء وصارت السعادة للشياطين وحدها!
لكن الذين يخالفون أبانا الأول ولا يمضغون القات ابداً يدّعون بانهم قد ورثوا بعضها… شياطين آدم السعداء لايمضغون القات. لم علي ان اكون وحيداً دون أبي.. شيطاناً سعيد!
امضي بنا الى توهاننا المقدس أيها القات اللعين، الى حيث أكون مع أبي المخطئ بك، في هيكل ساعات سليمانية مديدة.