- راوية الفقيه
أقبل مهرولاً يلوّح بكفيه الوداع ‘يلهث بشدة وهو يلملم كلمات تائهة بين عزف الزفرات.
يقتلع إبتسامة باهتة من بين عينية المرتعشة هلعاً وضياع ‘ذلك الإنسان القابع في ذاك النفق العميقيقطر حزن وألم.
-مع السلامة..
-لاااااا.إلى أين? !
أحملق في كفيه الفارغتين وحتى على كتفه ‘لم يكن يحمل على جسده سوى قميص أحمر وبنطال أسود عليه حزام ربما كان أبيض ولكن ..أين حقيبة السفر? ?
-قهقه بحشرجة وهل هنا شيئ يحمل?? !
-همست نعم بل ربما ‘لقد لمحته يحمل الكثير والكثير ولكنه بين الرفاة لم يعد يشعر.
توارى من أمامي بخطواته المثقلة ومازلت أغرق في صدى الأصوات.
هناك سيجمع العديد من الريالات الثمينة’الكثيرين غرقوا بالأموال, ذاك اشترى باصاً وذاك شيد بيتاً وهذا ..قالوا -سعيد-رحل ليجمع مهر إيمان.
-وماالجدوى من كل ذلك? !وقد قالوا ان هناك شبح يتربص بهم في تلك بقعة الموت!!
-رحل سعيد ولم ترحل أقاويل نساء القرية وكذا نظرات إيمان الشاردة مازالت هناك ترنوإلى بعييييد.
في ذلك السفح تشرئب عينيها بالسماء تارةً وطوراً في منتهى الا مرئي.
الرباب يتجمع بفستانه الأبيض ‘وشمس الأصيل بخيوطه الصفراء ينسج عقد ذهبي لامع.
-إيمان تتطلع الى ذلك الفستان وتبتسم وعينيها تذرف بالدموع.
العرس ..الفستان الأبيض. ..الطوق الذهبي و …هو حلم كل فتاة.
فجأة..
تلبدت السماء بالسحب الرمادية وانسلت الخيوط الذهبية يجرها الغروب.
-ياإلهي احفظ سعيد ورده سالماً غانما هكذا همست إيمان وهي تودع الأصيل.
أقبل الليل بغياهب الأشواق الأحزان والقلق والإشاعات المكبلة بنأ الغراب! !
الليالي طوال والأيام في دوار وزقزقة العصافير في غدو كل يوم هي الدليل الوحيد لتقلب الايام بين ركود الحياة وحتى الأحلام في بلدٍ اغتصبت فيه الأفراح والانغام وحتى الأفكار!!
في اليوم الأول من حزيران وبعد مرور سنة من رحيل سعيد وخفقان القلب تضطرب بين الخوف والرجاء
-ياإلهي عساه خير ‘أشعر بأمر مكروه سيحدث اليوم. هكذا همست إيمان وهي ترنو الى تلك الغربان المحتشرة في السماء ثم تردف قائلةً:وهي تقبض قلبهابكفها رباااااه حبيبي. .. سعيد …!!
سعيد.. !!
قالوا حدث حادث مروع في ذلك الخط المتعرك وهو في طريق العودة ‘مات.. كانوا ثلاثة في نفس المركب ..ماتوا.. كان معهم..
-لااااااا
-ماهذا الهراااااء!!
-ألا تعرفن نسج شيئ آخر غير الاقاويل والإشاعات هكذا صرخت إيمان في وجوه تلك النسوة.
وقبل أن يجف سيل الدموع أقبل من هناك يعانق أطفال الحي ويطبع على خدودهم قبلات الأشواق وحنين اللقاء.
-الله يزودجو. ..
-متى العلوس?!
يهمسون بألسنتهم وقلوبهم البريئة وهو يوزع عليهم النعانع
-سكلن سعيد.
المشهد الأول انتهى والى اللقاء في المشهد الثاني.