خرج ريال مدريد وبرشلونة بالتعادل السلبي من أرض الاخير ملعب “كامب نو” في الكلاسيكو المؤجل بين الغريمين التقليديين من المرحلة العاشرة من الدوري الاسباني لكرة القدم
وأقيمت المباراة وسط مخاوف أمنية في ظل الدعوات للتظاهر في محيط الملعب، الا انها لم تشهد أي اضطراب داخله.
وهو الكلاسيكو الأول الذي ينتهي بدون أهداف منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2002.
ورفع كل من الفريقين رصيده الى 36 نقطة فيما بقي النادي الكاتالوني في الصدارة بفارق الاهداف على حساب نظيره الملكي الثاني ليتأجل حسم “بطل الشتاء” للمرحلة 18.
وكان من المفترض أن تقام المباراة في 26 أكتوبر الفائت، لكنها أرجئت بسبب أعمال العنف في إقليم كتالونيا احتجاجا على سجن تسعة قياديين انفصاليين ما بين تسعة و13 عاماً بسبب دورهم في محاولة الإقليم الانفصال عن العاصمة مدريد عام 2017.
وكان المتظاهرون قد شلّوا حركة المرور خارج ملعب “كامب نو” بعدما حثتهم منظمة “تسونامي الديمقراطية” المؤيدة لانفصال القطاع، على التجمع في أربع نقاط محددة حول الملعب بدءا من الساعة الرابعة بتوقيت غرينيتش أي قبل أربع ساعات من انطلاق المباراة، الا ان الفريقان وصلا الى الملعب من دون صعوبة تذكر.
وكان ريال مدربد الطرف الافضل في اللقاء وحصل على أخطر الفرص لكنه فشل في ترجمتها الى أهداف.
وهدد الضيوف عن طريق الفرنسي كريم بنزيمة بعد أن وصلته الكرة بتمريرة خلفية من ايسكو من بين قدمي المدافع جيرارد بيكيه على حدود منطقة الجزاء، سددها الفرنسي بيسراه لكن الحارس الالماني مارك اندريه تير شتيغن كان لها بالمرصاد (10).
ورغم استحواذ برشلونة مع بداية اللقاء إلا أن ريال كان الأكثر خطورة، وكاد أن يفتتح النتيجة برأسية البرازيلي كاسيميرو لكن بيكيه أنقذها برأسه من على خط المرمى (17).
وكان تير شتيغن على الموعد مجددا للتصدي لتسديدة كازيميرو القوية من خارج المنطقة (26).
وأتت أولى فرص النادي الكاتالوني عن طريق نجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي، بعدما رفع الظهير الأيسر جوردي ألبا عرضية خرج لها الحارس البلجيكي تيبو كورتوا، لتصل إلى ميسي الذي سددها قوية قبل أن يرتمي سيرخيو راموس لإنقاذها مانعا الكرة إكمال طريقها إلى المرمى (31)، قبل أن تمر تسديدة فيديريكو فالفيردي “على الطاير” من خارج المنطقة في المقلب الاخر بمحازاة القائم الايسر.
وبات راموس أكثر اللاعبين عبر التاريخ خوضا لمواجهات الكلاسيكو (43) متجاوزا ميسي ولاعب برشلونة السابق تشافي هرنانديز اضافة الى أسطورتي النادي الملكي مانولو سانشيز وفرانشيسكو خنتو حيث في رصيد كل منهم 42 كلاسيكو.
ورفع ميسي كرة من خلف المدافعين الى داخل المنطقة لصالح جوردي ألبا الا ان الاخير سددها بجانب القائم (41).
وواصل الفريقان ضغطهما في الشوط الثاني من دون خطورة كبيرة على المرمى، وكانت أولى الفرص الخطرة عبر الويلزي غاريث بايل الذي وصلته الكرة على الجهة اليسرى داخل المنطقة اثر هجمة مرتدة متقنة، سددها قوية بيسراه الا انها هزت الشباك الخارجية (60).
وظن بيل أنه افتتح التسجيل عندما رفع كاسيميرو كرة إلى الظهير الأيسر الفرنسي فيرلان ميندي تابعها داخل المنطقة إلى بيل الذي اسكنها الشباك (72)، لكن الحكم رفع رايته مشيرا إلى تسلل على ميندي أكدتها تقنية المساعدة بالفيديو “الفار”.
نجح ريال مدريد في عزل ميسي ويثبت أنه عاد بالفعل ليصبح مرشحًا للفوز بالدوري، ولم لا المنافسة من جديد على دوري أبطال أوروبا.
تكتيك
بدأ فالفيردي المباراة برسم أقرب إلى 4/4/2 الماسية، تير شتيجين في حراسة المرمى، بيكيه ولونجليه في قلب الدفاع، نيلسون سيميدو على اليمين وجودري ألبا على اليسار، راكيتيتس في وسط الملعب وأمامه دي يونج وروبيرتو، ميسي رقم 10، خلف سواريز وجريزمان.
بينما لعب ريال مدريد برسم مشابه لما لعب به غريمه، كورتوا في حراسة المرمى، راموس وفاران في قلب الدفاع، كارفاخال على اليمين وميندي على اليسار، كاسيميرو في وسط الملعب وأمامه فالفيردي وكروس، إيسكو رقم 10 خلف الثنائي كريم بنزيما وجاريث بيل.
منطقيًا لم يكن أي المدربين يمتلك شيئًا قابلًا للتطبيق أكثر مما طبقه، فقط المزيد من علامات الاستفهام حول أدوار دي يونج والإصرار على إبعاد فيدال عن التشكيل الأساسي. علامات الاستفهام تكون حول فالفيردي عادة كما نعلم.
شوط أول
في شوط المباراة الأول ظهر برشلونة مستحوذًا على الكرة، ولكن أغلب تمريراته كانت في وسط ملعبه، حيث لم يقتحم وسط ملعب ريال مدريد إلا في كرات قليلة.
على الجانب الآخر، اعتمد ريال زيدان على الضغط المتقدم من أجل افتكاك الكرات مبكرًا، ومحاولة مباغتة دفاعات الفريق الكتالوني في وضع غير مستقر.
اعتماد ريال مدريد على إيسكو في الأمام كرأس لمثلث هجومي قاعدته للأسفل جعلت الضغط الثلاثي من بيل وبنزيما وهو رفقتهما يمنع برشلونة من الخروج بالكرة بأريحية، وهو ما أجبر الفريق الكتالوني على الاعتماد في بعض الأحيان على إرسال الكرات الطولية خلف دفاعات الميرينجي.
من ناحيته تكفل فيدي فالفيردي بمراقبة ميسي، ولم يمنعه ذلك من إداء الواجبات الهجومية والصعود في الكرات الثابتة والمتحركة، وكان عنصرًا هامًا في الكرات الثانية والالتحامات.
غياب بوسكيتس جعل راكيتيتش يحل محله على الدائرة، على الرغم من كون وجود فرينكي دي يونج في هذه الرقعة أكثر منطقية نظرًا لأنه اعتاد أداء هذا الدور، ونظرًا لكونه أقرب لبوسكيتس من حيث الأداء من أي لاعب آخر.
هذا جعل دي يونج يتوه في بعض الأحيان نظرًا لعدم قدرة برشلونة على مجاراة نسق ريال مدريد والاستحواذ المتقدم في وسط الملعب، مما سهل المهمة على عناصر وسط ملعب الميرينجي.
بالنسبة لبرشلونة كان ألبا غارقًا في إصابته التي عاد منها جسدًا فقط، بينما في الجانب الآخر، تميزت أظهرة ريال مدريد خاصة في الجانب الهجومي.
أدوار بنزيما المعتادة في الكلاسيكو كانت كما هي، خطورته حول الصندوق ساعده فيها تقارب المسافات بينه وبين إيسكو الذي قدم أفضل 45 دقيقة له هذا الموسم، مع ظهور بيل فقط في الانطلاقات السريعة وفي محاولات الضغط على دفاع برشلونة.
بالنسبة للخطورة كان ريال مدريد أخطر، وكان برشلونة أكثر اعتمادًا على المرتدات، وبنتيجة صفر مقابل صفر خرج الشوط الأول دون أن تهتز إحدى الشبكتين.
شوط ثانٍ
في النصف الثاني من المباراة لجأ كلا المدربين إلى الحلول المتاحة على دكة البدلاء، ولكن فالفيردي سبق زيدان في التبديلات وفضل الفرنسي الأصلع الاعتماد على العناصر التي بدأت حتى أبعد نقطة ممكنة.
زيدان لم يخطئ في الإبقاء على لاعبيه، فقط معضلة بيل تلك التي قد تثير بعضًا من الجدل، ولكن من وجهة نظر أخرى كان الويلزي عنصرًا قادرًا على إنهاء الهجمات وأكثر خبرة في مثل هذه المواقف من رودريجو وفينيسيوس، الجميع يتذكر ماذا فعل جونيور في العام الماضي.
كاسيميرو عنصر لا يخرج، فالفيردي يعطي توازن لا يمكن أن تحصل عليه سى بوجوده، وإخراجه حتى في آخر الدقائق كان من الممكن أن يكرر سيناريو باريس سان جيرمان الذي يهرب منه جميع مشجعي الملكي. إيسكو؟ أبرز الأسماء المرشحة للخروج ولكن ليس مبكرًا أيضًا.
في برشلونة كان الحل البديهي والذي كان يجب أن يتم منذ بداية المباراة يكمن في أرتورو فيدال، فجاء المحارب التشيلي بدلًا من سيميدو، على أن يعيد فالفيردي سيرجي روبيرتو إلى الجهة اليمنى، ليصبح وسط برشلونة أكثر قوة وأكثر قدرة على مجاراة ريال مدريد في ما يسمى معركة وسط الميدان.
فيدال أعطى برشلونة القوة، وكان الفريق أكثر شراسة في الثنائيات وكذلك التحولات، تلك التي اعتمد عليها البلاوجرانا بشكل كبير أمام استحواذ ريال مدريد في وسط ملعبهم.
زيدان في الربع ساعة الأخيرة لجأ إلى دكته أخيرًا، فجاء لوكا مودريتش بدلًا من فالفيردي ورودريجو بدلًا من إيسكو، على أن يتحول الرسم إلى 4/3/3 بوجود بيل وبنزيما والبديل البرازيلي الشاب.
من ناحية أخرى لم يستطع ميسي إعطاء الحلول وسط نجاح زيدان في عزله باستخدام جنود الوسط وإجباره على العودة من أجل استلام الكرة من الخلف.
وهكذا انتهت المباراة بالتعادل السلبي، في قمة حملت تفاصيلها ما هو أكبر من النتيجة، وعاد فيها الكلاسيكو إلى متعة الماضي، وأكد فيها ريال مدريد أنه عاد بالفعل، وأنه ليس ذلك الفريق الذي بدأ الموسم، وأن رحلته من أجل الليجا ودوري الأبطال يجب أن تؤخذ على محمل الجد من المنافسين.