- ريان الشيباني
في العادة..
وفي “البلدان” التي يطلق عليها مواطنيها هذا الوصف ويعنون ذلك
يتناسل الناس لينجبوا أطفالا أصحاء
يعمرون البيوت بنوافذها الكثيرة وأسوارها العالية
ليفلحوا الأراضي التي قد تصير بوارا
ليغنوا في جوقات مسارح الأوبرا
ويرقصوا البالية على سيمفونيات “بحيرة البجع”
ليجربوا التشرد في الأرصفة
وليلقي عليهم المجتمع الرحيم عملات الفكة
ليصلوا السلسلة “النقية” التي تكاد أن تنقطع
وليتنمروا على نظرائهم في المدارس
ليكونوا أغبياء
ومتغطرسين
وحكام
ونحن -أيضا- ننجب أطفالا،
ليتشبثوا بنا عند الأبواب صباحا
ويمنعوننا من الدخول مساء
نشتري لهم الدمى ثم نخبئها
ذلك أننا بحاجة لنلعب بها، نحن أطفال منتصف العمر
ننجب أطفالا؛ لنجرب إرسال الطيارات الورقية، ونركض ورائها
نغالط هذه الأجساد الهرمة لنمنعها عن أن تشيخ..
ولنسترق أوقاتا لم نعشها،
نأخذهم إلى الزوايا لنلعق خلسة من أيديهم قوالب السكاكر،
يصفعوننا فنبتسم خجلين، أو نبادلهم الصفعات الصغيرة لنقول لهم مجازا: لم نكبر بعد
نحن زملائكم أطفالنا الأعزاء
شركائكم في الألعاب التي نجلبها
في الملاهي التي نأخذكم إليها
ولأننا نهزمكم في المنازل
أنت المنتصرون
في المعارك التي تنشب بيننا فجأة في الطرقات
أمام محلات بيع “البطاطس”
وعند سيقان فتى البالونات الحزين
ننجب أطفالا، فنستمتع بحيرة الأسئلة التي تركناها بلا إجابات:
لماذا فعلنا ذلك؟
ما الذي ستكونه فتاة، تحصي سنيها، فتجد أنها أصغر من الحرب بسنوات خمس
ألتقط صوانها الصغير لفظة “مستقبل”، من شاشة التلفاز، فألتفت تسألني، وفي عينيها يتنطط فرح حذر:
– بابا.. ما معنى مستقبل؟!
–
ننجب أطفالا، لنتشاجر معهم على “ريموت” التلفزيون.