- عبدالمجيد التركي
يجعلونك تلبس الـجنبية وأنت في سن الطفولة، ويقولون لك: أنت رجَّال..
يرغمونك على حفظ زوامل الحروب وقصائد الفخر ويتباهون بك أمام الآخرين أنك
رجَّال.. يرونك في طفولتك تلعب مع بنات فينهرونك ويقولون لك عيب تلعب مع
البنات أنت رجَّال.. تتعثَّر أو تسقط فتنكسر يدك ويرونك تبكي فيقولون لك:
عيب تبكي، البكاء مش حق الرِّجال!!
يرونك تجلس مع أمك معظم الأوقات
فيحاولون أن يأخذوك من دفئها ويخرجوك إلى الشارع لتلعب مع الأولاد، ويقولون لك عيب أنت رجَّال، وما يسبرش تجلس مع النسوان.. وحين يرونك متعلِّقاً
بأمك يقولون: هذا الولد ابن أمه!!
ولأنك “ذكر” يقنعونك بأنك الأفضل،
وأنك رجل البيت في غياب أبيك، ويجعلونك تأمر وتنهي على أخواتك الإناث حتى
ولو كنَّ أكبر منك سناً، ويقنعونك أنك ولي أمر أمك !!
أنت رجَّال..
مليون مرة سمعتُ هذه الكلمة في طفولتي.. ويحق لك أن تمارس صلاحياتك التي
منحك إياها المجتمع الذكوري، ولا صوت يعلو فوق صوت “سي السيد”.
أنت
رجَّال.. لا تدخل المطبخ فالمطبخ للنساء.. لا تبكي فالبكاء للنساء.. لا
تخجل فالخجل من طبع النساء.. لا تغسل ثيابك لأنك رجّال.. إذا احتجت كأسَ
ماء وأنت جالسٌ على المائدة فلا تقم لجلبه بنفسك، لأنك رجَّال..
من يصدق أن هناك أسراً يتناول الذكور فيها وجبة الغداء لوحدهم، فتأتي النساء بعدهم ويأكلن ما تبقَّى!!
من يصدق أن هناك من يشتري اللحمة فيأكلها في هذه المائدة الذكورية ويترك العظام للنساء!!
ما زال هناك الكثير ينظرون إلى المرأة على أنها ناقصة، وعلى أنها عورة
فقط، وعلى أنها مشروع فضيحة، وعلى أنها عار.. وما زالت الجاهلية تسري في
دمائنا، وما زلنا نتعامل مع المرأة بكل وقاحة ذكورية لا تنمُّ إلا عن
انعدام إنسانية وعن عُقد نقص هائلة..
أنت رجَّال.. ليتني لم أسمع هذه الكلمة.. ليتني لم أكن كذلك.