
- لافتة احتفائية _ بيس هورايزونس
اليوم نتحدث عن واحد من الفنانين اليمنيين القلائل الذين تمكنوا من إيقاف الزمن وتوثيق جماله وإعادة الصورة إلى معناها الأول. فمن عدسته خرجت اليمن كما لم نعرفها من قبل… وجوه تبتسم رغم التعب ، قرى تتشبث بالجبال، نساء يحكين بحضورهن أساطير الأرض وروحها.
هو مصور لا يكتفي بالتقاط المشهد بل يحرص على كشف سره المخبوء، ورسم ملامح وطن بكامل طاقته الإنسانية.
يمضي هذا الفنان في اليمن كما يمضي عاشق في ذاكرة يعرف تفاصيلها. يحمل كاميرته كنافذة تطل على روح البلاد … الضوء عنده ليس عنصرًا بصريًا بل رفيق رحلة، والظل ليس كتلة معتمة بل راوٍ للسر . في كل صورة يضع الإنسان في مركز الحكاية ثابتًا في ضوء لا يشيخ ، مانحًا ما يلتقطه حياة تمتد إلى ما بعد عمر اللقطة.
لقد شكل فناننا الكبير أرشيفًا بصريًا فريدًا يمتد لأكثر من ثلاثة عقود … أرشيفًا لا يشبه أي ذاكرة أخرى، يمزج بين المعرفة والحس المرهف، بين الخبرة والدهشة الأولى .
صوره وثائق ، بل متاحف صغيرة للهوية اليمنية… عمارة ، أزياء ، وجوه ، طقوس ، جبال، أسواق، وملامح وطن كامل يتنفس بعمق في أعماله. وحين نتأمل أرشيفه ندرك أننا أمام تاريخ معاد بناؤه بلغة الضوء .
إنه الفنان اليمني الكبير عبدالرحمن الغابري، المؤسسة الجمالية التي تمشي على قدمين وحملت اليمن إلى المعارض العربية والدولية ، من واشنطن ولندن إلى تونس والكويت… فنال جوائز وشهادات تقدير من مؤسسات ثقافية مرموقة.
وهو الانتشار الذي لم يكن صدفة بل ثمرة إبداع أصيل ورؤية تحول المشهد اليومي إلى قصيدة تحفظ وهجها.
وعليه… إذ نحتفي اليوم بعبدالرحمن الغابري فإننا نحتفي بعين اليمن وذاكرتها… بإنسان جعل من الصورة جسرًا بين الماضي والحاضر. نحتفي بفنان لم يكتفِ بتوثيق الجمال بل صنعه ورسم من خلال عدسته سيرتنا الجمعية، وترك لنا ما يعجز الزمن عن محوه .
تحية إجلال وتقدير لك يا أستاذ عبدالرحمن… على فنك وعلى إخلاصك وعلى رحلة حياة صنعت منها جمالًا لا يُنسى… لا ينسى.





