- لافتة سياسية – بيس هورايزونس
بينما يرزح اليمن منذ أكثر من عقد تحت أسوأ أزمة إنسانية عالمية، يكتفي المجتمع الدولي بتجديد العقوبات على أطراف الصراع ، في خطوة بعيدة عن ملامسة جذور الكارثة أو إيقاف نزيف بلد ينهار على مهل .
فالقرار الأخير لمجلس الأمن يعيد إنتاج المقاربة ذاتها التي أثبتت فشلها في معالجة نتائج الحرب بدلًا من أسبابها. إذ يركز المجتمع الدولي كعادته على تسويات سياسية، متجاهلًا البُنى العميقة لطبيعة الصراع… من فساد مستفحل، واقتصاد منهار، وانقسامات اجتماعية ونفسية عميقة غذّتها سنوات الدم والحصار والتجريف الممنهج لقيم الدولة والوعي والمجتمع.
والحاصل أن أخطر ما يواجهه اليمن اليوم ليس استمرار الحرب ، بل هشاشة مكوّناته الاجتماعية والسياسية وانعدام الثقة فيما بينها. فهذه الجروح المفتوحة تجعل أي هدنة قابلة للانفجار وأي تسوية عرضة للنسف، وتحول جهود السلام إلى بناء فوق رمال متحركة .
بالتالي، يمكن القول إن استمرار الوضع العبثي لا يهدد الأمن المحلي فحسب، بل ينعكس مباشرة على أمن الإقليم والعالم، ويغلق الطريق أمام أي إمكانية لتحقيق سلام إيجابي ومستدام. ومن دون إصلاحات جذرية _ سياسية واقتصادية ومؤسسية _ فلا شك أن اليمن لن تقوم له قائمة.
الحقيقة المرّة أن العقوبات لا يمكنها وقف الانهيار وردم شقوق مجتمع أنهكته الحرب. ما يحتاجه اليمن اليوم هو مشروع سلام شامل يتضمن:
• عدالة انتقالية حقيقية.
• مصالحة مجتمعية واسعة.
• إعادة بناء مؤسسات الدولة بطريقة تعيد الثقة وتفتح الباب أمام مستقبل مشترك يتجاوز اصطفافات القوة الحالية بمشاريعها الضيقة.
وباختصار… لن يستقر اليمن قبل أن يُعالَج ما استُهدف في أعماقه لا على سطحه. أما تجاهل جذور الأزمة والركون إلى حلول شكلية، فلن ينتج إلا سلامًا فضفاضًا يتناسل صراعات جديدة، يدفع ثمنها الشعب اليمني مرارًا .





