- نزار القاضي (الخُرساني)
ذاتَ مساءٍ صافٍ من أيلول.
إلى الذي يسكُنني حين أظنّ أني وحدي
(1)
كنتُ أُمسكُني من يدي
بخيطٍ واهٍ من الضوء،
كي لا أسقط في ظنّ أني حقيقة.
(2)
العُمر ممرٌّ ضيّق بين وجودين،
وأنا أضيع في ازدحامه،
كأنني مرآة تتفحّص نفسها دون أن تعرف اسمها.
ثمة سكون يراقبني من الداخل،
كأنه يعرف أكثر مما أجرؤ على الاعتراف به.
(3)
كل نافذة أفتحها
تُدخلني بلا طريق،
وأرى الداخل أقرب إليّ من الخارج،
وأغربُ ما فيَّ يبتسم في الظل.
(4)
الذاكرة تضيء لتُخفي ما في الضوء،
فأمشي على ظلي كأنني أجرُّ روحي
نحو معنى لم يُخلق بعد.
الخوف يمرّ بي ببطءٍ مُطمئن،
كمن يربّت على كتفي ليتأكد أنني ما زلت هنا،
والغد ينام في عينيَّ،
يختبر قدرتي على الحُلم رغم ما مرّ بي من فقد.
(5)
أنا أثرُ فكرةٍ لم تكتمل،
وصدىً يبحث عن أول صوت،
وكل يقينٍ انطفأ عند عتبةِ تأمّل،
وكل سؤالٍ أنجب مرآةً جديدة للغموض.
أحمل قلبي كشَمعةٍ في ممرّ الريح،
كل ارتجافة… ضوء.
وأغفو في الهشاشة،
فأستيقظ على فكرةٍ أكثر اتزانًا من الصبر.
(6)
لا شيء يعد بالنجاة،
ومع ذلك أواصل التنفّس،
لأبقى شفيفًا بما يكفي،
لأعبر من نفسي إلى نفسي
دون أن أُحدث أي ضجيج،
وكأن الهواء إيمانٌ غير مُعلن بالغد.
- من مجموعة ثرثرة “خرائطٌ للداخل” قيد اللملمة.





