- كتب: د. عبدالعزيز علوان
الكتابة كفعل لا يحدث إلا بين وجعين إثنين لا ثلاث لهما.
وجع كتابي كفعل له مسبباته وآلامه واشتعالاته ولظى حروفه ووخز عباراته إلى.. آخره.
أو الكتابة باعتبارها أحد الردود الفعالة للوجع كظاهرة ملازمة للكثير.
المدارس الأدبية انتهجت ذات الوجعين. أو بالأصح كل مدرسه منها تبنت لأدبها أحد هذين الوجعين.
الفلسفات باتجاهاتها الثلاثة انطلقت من تحت رماد هذين الوجعين.
الوجودية باتخاذها الانسان محورًا لأوجاع وجوديته.
العدمية بتوجعه العدمي كوجع يناقض أوجاع الوجودية ويتوغل في أوجاع العدم.
العبثية بأوجاع التيه كمآل يبتدئ وينتهي عند نقطة في محيط دائرة التيه.
الشقاء السعادة وجعان، لذيذان لكل من يتذوقهما.
ألم يقل المتنبي ذات يوم:
ذو العقل يشقى بالنعيم بعقله
وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم
بعد إحراق ديوان الكتابة بسيف الثائر علي بن الفضل للدكتور عبدالعزيز المقالح.. بعد قصيدته الاولى في الديوان (الاختيار) في ساحة كلية الآداب جامعه صنعاء. دخل الأدب اليمني إن جاز التعميم في صمت ساعة المقيل السليماني.
ومن يقرأ ديوان الخروج من دوائر الساعة السليمانية للدكتور المقالح يرى أن منطلقاته الثورية بلغت ذروتها بخروجها من دوائر صمتها المطبق المرافق لآخر ساعات المقيل التي تعرف (بالساعة السليمانية).
انه وجع كتابي يحاول أن يخرج القارئ من أوجاعه إلى الآفاق الوجع الجمعي.
وتأتي بعد هذا الديوان الكتابة بوجع آخر (أوراق الجسد العائد من الموت).
ومن يتتبع دواوين الدكتور المقالح بعد هذين الديوانين يجد أن الوجع المقالحي أتخذ من الداخل موطنًا صوفيًا له، لم يغادره إلا فيما ندر.
وتأتي هنا الإجابة عن السؤال متأخرة قليلًا، وهي عباره عن أسئلة أخرى
هي هل نكتب عن الوجع للمتوجعين بأعماقنا، أم نكتب للأوجاع التي تحيط بآفاقنا.
من طرافة إجابه السؤال لمن نكتب، تبارى أحد علمين من أعلام الثقافة العربية (طه حسين والآخر – لا أذكر اسمه الآن).
للإجابة عن هذا السؤال في ملتقى عام وحشد كل منهما أنصاره ليثبت للآخر صحة اجابته.
وعلى طريقه من يلق بعصاه الأول. أو من يخلع صاحبه الأول كما في التحكيم.
بدأ الأول وهو الآخر الذي (خانتي الذاكرة لتذكر اسمه) يجيب عن هذا السؤال مستدلًا بأكثر القضايا التي يدافع عنها لكتاباته وقرائه.. وما أن انتهى من هذه الإجابة ضجت القاعة بالتصفيق..
وعندما جاء دور طه حسين في الإجابة وأمام حشوده التي جمعها قال طه حسين هذه العبارة (إننا نكتب لمن يقرأ). وترك المنصة.