- زين العابدين الضبيبي
أرى حفرةً أعشبتْ بالحيلْ
تحاول أن تستقلَّ الجبلْ
وليس يليقُ به الإنحناء
ومن ذا رأى جبلاً يُستَقلْ
ولكنها أشهرتْ حسنها
وكم شادنٍ طرفها قد قتلْ
تمدُّ له ضحكةً من عبيرٍ
وتطفئ نيرانهُ بالأملْ
وحيناً تغني له كي ينامَ
وتملأ أحلامه بالعسلْ
وكم دوخته بخمر الغيابِ
وألقتْ به في شباكِ الثملْ
وتؤنسُ وحشته من بعيدٍ
وتقفل شباكها إن وصلْ
وما كان أسرعهُ في الجنون
وما كان أعقلهُ لو عدلْ
ومذ قطفت تمر أشواقه
تسلَّقهُ عنفوان المللْ
فيا جبلاً لم يزل حائراً
يسائله قلبه ما العملْ
إذا لم تكن حادياً للنجوم
فأنت نبي الثرى المحتملْ
أفق إن أزهارك العابقات
يُقال بأن شذاها اضمحلْ
وأحجار سجيل أين اختفت
“وأبرهةٌ” في حمانا دخلْ
فيا جبلاً تاه في حفرةٍ
وعن صرخات الحقول انشغلْ
لقد كنت ملء عيون الذرى
وصقر سماواتنا لم تزلْ
عشاؤك رمانةٌ من سهيلٍ
وماؤكَ داليةٌ من زحلْ
فكيف تركت الذرى وحدها
أمثلك في حفرةٍ يُعتقلْ؟
…