- كتب: نبيل الشرعبي
بعد الجدل الذي دار حول اللوحة الفنية التي عرضها الفنان الشاب عزيز المعافري، مقابل هاتف بمواصفات محددة يحتاجها، وما أعقب ذلك من أخبار أفادت بمبادرة بنك الكريمي للتمويل الإسلامي الأصغر لتلبية طلب الفنان، بعد ذلك راودني سؤال.
هذا السؤال: أليس ممكنا أن تخصص كل مجموعة أو مؤسسة أو شركة تجارية يمنية في القطاع الخاص نسبة 5 بالمائة من موازنة إعلاناتها السنوية لشراء لوحات وأعمال فنية تتوفر فيها معايير الفن والإبداع الحقيقي وتكون نتاج عمل إبداعي شخصي غير مستنسخ؟ وكرد على السؤال، ذهبت للاعتقاد بأنه ممكنا. ولكن بشروط ومعايير وضرورة أن يتحقق للطرفين المنفعة.
ولذلك لا بد من إيضاح أن هكذا توجه يجب أن تؤسس له أرضية وبيئة مناسبة، مثل وجود جهة منظمة ولجنة تقييم فني، وإدراك المجموعة أو المؤسسة أو الشركة التجارية الخاصة بأهمية الفن، وتوظيفه في خططها الدعائية والتسويقية، وكذلك إدراك أن نفوس بشرية كثيرة روحها معجونة بالفن والرسم، وإن كانت ليست من أهله وأي عمل فني يرقى لمحاكة الروح والوجدان، ويتناسب مع معتقد وعادات وتقاليد المجتمع يجده في صالة تقديم خدمة ما يشعره بالراحة والسعادة، ويجعله عميل مستمر يفضل خدمة هذه المجموعة أو المؤسسة أو الشركة.
ولكونه أعقب مبادرة بنك الكريمي اقتناء لوحة الفنان المعافري، تقديم مجموعة شباب مبادرة تحث بنك الكريمي على اقتناء لوحات تشكيلية لفنانين يمنيين، وبما يشبه الاحتفاء بالفن ودعم المبدعين، أرى بأن الفن هو رأسمال وبذات الألوان التي تشكل شخصية النقد والشيكات المالية، ورأس المال التجاري والاستثماري يعي ذلك تماما، ولكنه لم يجد من يساعده في كيف يمكن تحويل الفن إلى رأسمال تجاري استثماري.
وهنا وعطفا على المبادرة الشبابية، التي أعلنتها “همم للفنون والتنمية الثقافية” يجب على فنان الرسم والتشكيل اليمني استيعاب أن رأس المال يعرف جيدا أن اقدامه على شراء لوحة لا يختلف عن شراء خدمة، ومتى ما تحقق هذا المعيار يصبح رأس المال أكثر قربا وميلا من ألوان الفنان.
أما عن شروط ومعايير أن تغدو ألوان أي لوحة فنية والورق المرسومة عليها بنفس قيمة ألوان وورق النقود، فهي كالتالي: الفكرة الجديدة والحصرية أي عدم الاستنساخ من أفكار سابقة مماثلة، الابداع اليدوي، العمل الاحترافي، القدرة على الوصول إلى بث روح في ثنايا تفاصيل وتضاريس العمل والألوان، استخلاص ألوان من مواد خام محلية صديقة للبيئة، مراعاة طبيعة المجتمع .. إلخ.
أيضا على الفنان أن يتخلى عن تسويق نفسه رخيصا، وأن يعي أن نفس الألوان التي يستخدمها في لوحاته هي نفس الألوان التي نسج بها فنان عالمي لوحة ما وبيعت في مزاد بملايين الدولارات، وحينها سيجد الفنان أن رأس المال يقف بجانبه لأنه يقدم خدمة ويحصل على خدمة مماثلة أو أكبر..
وفيما يخص مقترحي المبادرة، يجب عليهم تشكيل فريق نوعي وترشيح شخص مميز وجاد في تعامله وصادق وأمين، يتولى مهمة الاتصال والتواصل مع القطاع الخاص في هذا المجال، لأن التسويق الرخيص يحيل العقيق إلى فحم رخيص غير مرغوب فيه.
وإن تحقق ذلك، أجزم أن الكريمي أو أي مجموعة أو مؤسسة أو شركة تجارية واستثمارية خاصة، لن تخصص فقط 5 بالمائة من موازنة إعلاناتها السنوية لهذا المجال بل ستخصص ما يزيد 10 بالمائة لأنه تحقق لها ابتكار أسلوب جديد في الدعاية والتسويق لأنشطتها وخدماتها وهو مجدي لها للغاية.