- كتب: د. عبدالعزيز علوان
كلمات: أحمد الجابري
لحن وأداء: أحمد أحمد قاسم
المهجل أداء صوتيل جماعي، ضارب في الذاكرة اليمنية، يعمل على اثارة الطاقة الكامنة، وتوجيهها؛ توجيها فعالا نحو إنجاز المزيد من الأعمال، تؤدى جماعيا بأصوات تتناغم مع طبيعة العمل وزمنه. ويكثر أداؤها، مع أعمال البناء والزراعة والحصاد..
يقول الشاعر نجيب مقبل (تعتبر أغنية الحصاد أو بالأصح نصها الشعري تجربة لا فته في كتابة الشعر من وحي العمل ومن لغته البنائية … ويبدو ان استحضار النص كان من وحي مراقبة تاريخية وفنية للريف اليمني في أغان الحصاد، واستجابة لا واعيه لمؤثرات أغاني عمال البناء ( الكواليه) الذين كانوا أحد القادمين من الريف التعزي إلى عدن).
يبدأ هذا النص، بالقسم بعدم الرواح من العمل إلا (قاهو ليل) عند حلول الليل، ولذا يتوجه بالخطاب للعشي وللصبح ولابن العم، ويأتي لفظ الليل في آخر البيت الثاني للحث على الإسراع في العمل..
والله ما روح الا قاهو ليل
وا عشي واصبح وبن عمي الليل
هربوا جا الليل، (اهربوا جاء الليل) تُرى أي ليل هذا الذي يريد الشاعر الهروب منه، أهو الليل الطبيعي،أم الليل، الذي يحيط بهم ويتربص بهم الدوائر؟ أم هو الليل الذي سيدركهم قبل انجاز عملهم،ولذا يحثهم على أن يسرعوا في انجاز العمل قبل مجيئه وهذا هو الأرجح.
فرحتي يارب هذه الفرحة التي مَنٌَ الله بها علينا، هي أننا ذرانا الحب (الحبوب) في موسم الذري (مبكر، مايو / يونيو) وسيكون الجهيش في آب (اغسطس/ سبتمبر)، إنه اختزال لكثير من الاعمال الزراعية بين البذر والجهيش، ويأتي هنا الطلب للهروب فقد جاء الليل … وأزعم أن طلب الهروب ليس المقصود، ترك العمل، وإنما بمثابة الحث المستمر للعمل.
وقد ترد الدلالة في مجيء هذا الليل، بأكثر من صورة حسب سياق ما قبلها. أهمها صورة المخمن، او الناظر الذي يأتي إلى تقدير الغلة (المحصول) وفرض الواجبات والزكاة عليه.
فرحتي يا رب قا ذرينا حب
والجهيش في آب هربوا جا الليل
العيون التي يمتد ناظريها، في أفق الاخضرار مترامي الأطراف، تحلم بالنعيم، القادم بهذا المحصول، ومن أجل ذلك تحث ابن العم بمواصلة العمل، والإسراع في إنجازه ، قبل أن يأتي الليل ليحول بين هذا الحلم النعيم..
العيون تحلم والنعيم اقدم
هيا يا بن العم. هربوا جا الليل
وقت الصراب، من المواقيت الأكثر استنفارا في القرى، فكل البيوت يخرجن إلى الحصاد، ولن تجد ضيفا يطرق باب قرية، ما، في تلك الأيام، ولذا تخرج الامهات بأطفالهن إلى مكان الحصاد، ويبقينهم في سوم (الحول أو الجربة أو ما الى ذلك)، ويظل هذا الطفل حاضرا في قلبها، خوفا وحرقة من كل عذابات ذلك اليوم، الذي تتحمله معظم نساء القرى.
يتوزع العمل في ذلك اليوم بين النساء في الصراب (قطف السبول أو المحاجين) والرجال قطع العجور، ويبدو أن الحث على طلب انجاز العمل يعود إلى ما يمكن توقعه من مجيء اللصوص إذا ما تراخى البعض وظل الحصاد في مكانه.
وا قليب الأم والبني بالسوم
من عذاب اليوم هربوا جا الليل
يلتفت المهجل، لعدم جدوى، انسكاب المطر، وفائدة الصراب، فقد قَرُبت الذئاب التي أرسلها مولاها لأخذ، واجباتها، أي ما تم تحديده من المخمن أو الناظر.
المطر يسكب مو يفيد نصرب
والذئاب تقرب هربوا جا الليل
يستأنس المهجل بحمام الدور، ويقصد بهذا الاستئناس، ما حوله من الحمام، ذوات الوجوه النيرة، والحركات النشطة، وتشبيههن بتلك الحمام التي تدور فوق الرؤوس، للتتزود بما يتيسر لها من الحبوب.
يا حمام الدور فوقنا تدور
والجناح بنور هربوا جا الليل
تمني، ممتزج بأكثر من تأوه، يسفر عن مكنون توجعه، بيا ليت (انا مثلك)، ولا ندري من هو المخاطب هنا، إلا أنه يشير إليه بأنه يملك كل شيء ، وأن ما يزرعه هو له، وغير منهوش من تلك الذئاب، وأنه غير مستعبد من أحد.
ليت انا مثلك كل شيء تملك
ما زرعته لك هربوا جا الليل