- محمود ياسين
بقيت سيجارة واحدة، وصورة ذهنية مشوشة لضابط إماراتي يختم جواز مسافر إلى سوقطرة!.
تذكرت فادي السائق اللبناني في بيروت وهو يشرح لي: هيدا نادي، ثم يضيف “نادي رياضي”.
التفسيرات مهينة للذهن غالبا، أنا أيضا لا أجد كلمة احتلال في وعيي الآن بوصفها مطابقة تماما للميري الإماراتي وختمها الرسمي على التأشيرة..
احتلال؟ هذا يتطلب تأكيدات واستجماع طاقة لتفسير المفسر وشرح البديهي..
يجب أن يكون للمحتل شعر أشقر وعينان خضراوان، لكي أتمكن من الإشارة لأبناء بلادي نحوه بأصابعي أو بفوهة بندقيتي.
ذلك سيجعلني مناضلا وطنيا، الآن ومع هذا الفتى البدوي من رأس الخيمة سأكون فقط محرضا وطرفا في أزمة، وهو احتلال، وأقسم لك أنه احتلال، وأنه مهين وأنهم يستحقون الموت.
تذكرت: لا يزال الكثيرون يتلقون رواتبهم منه، إنه متدخل إذن، متدخل يمكن إخراجه لاحقا ولكن بعد أن يدفع كل فلس من رواتب الوطنيين الجدد.
مايزعجني حقا وينال من كبريائي الوطني هو التشوش، وليس اشتراط دولة عظيمة مثل بريطانيا لأحصل على إحساس كامل وجلي لتعريف احتلال وشجاعة لقتاله، ما يزعجني حقا هو أن الاحتلال يشبهنا كثيرا..
عربي بأنف مفلطح وعينان سوداوان ولحية مشذبة بعناية، لديه الكثير من النقود والخسة..
ولن أبكي صارخا: أتحداه يحاول مع المصريين أو السوريين تحديدا، إنهم في سوريا يعانون حربا وفصائل وتدخلات..
لكن يبدو أن عليّ الاعتراف بفكرة أن الخسة تبحث دائما عن بيئة ملائمة خسيسة وتشبهه قليلا وهذا هو الذي أعنيه ربما بوجه الشبه.
تتطلب الطموحات أيضا بيئة ملائمة، لا يمكن للقواد التحرك وجني المكاسب مالم يتواجد هناك حالة عهر..
التخلي أيضا، يلتقط المحتل مهما كان غباؤه ولو هو إماراتي حتى، سيلتقط حس التخلي لدى من يتعاملون معه من أهل البلد المزمع قضمها، يراهم، يكون صورة وتقييما وحسابات لردة الفعل، يلتقط المسافة التي قطعوها بعيدا، عندها يجد كفايته ليتجاسر على اقتطاع جزء من بلد كأنه لم يعد يخص أحدا.