- معين النجري
“أنا أعاني من مرض نفسي وأحتاج لتدخل طبي من قبل أخصائيين”، يمكن لهذه الجملة إنقاذ حياة الكثيرين في حال وصل المريض إلى قناعة تامة بها وبدأ بالبحث عن الطريق السليم للعلاج.
يحدث ذلك في كل بقاع العالم، إذ يعتبر الأخصائيون النفسيون اعتراف المريض بإصابته نصف طريق العلاج، لأن اقتناع المريض بحالته المرضية يعني الخضوع من حينها لخطة علاجية مرسومة بدقة بحسب نوع الحالة المرضية.
في اليمن؛ الوضع مختلف تماماً، فحين يصل المريض إلى مربع الاقتناع التام بأنه يعاني من مرض نفسي، يكون قد فتح أمام وجهه مخاوف ومتاهات جديدة قد تصبح أكثر خطراً على حياته من المرض نفسه.
تبدأ هذه المتاهات في التفكير بنظرة المجتمع للمريض النفسي وطريقة تعاملهم معه وانعكاس ذلك على أسرته وأقاربه ومعارفه.
في اليمن ارتبط مسمى “مريض نفسي” بالجنون وفقدان العقل، حتى لو كان المريض يعاني من اكتئاب بسيط يمكن علاجه بجلسة أو جلستين، هذه الوصمة المجتمعية تشكل أكبر عائق أمام طلب المريض النفسي للعلاج والتدخل الطبي من قبل أخصائيين.
وبسبب الوصمة المجتمعية للمريض النفسي يحرص الكثير من المرضى وأقاربهم على عدم الاعتراف بالمرض عوضاً عن اللجوء للأخصائيين النفسيين، وإن حدث ووصل البعض إلى عيادات ومراكز تقديم الخدمات الطبية، فغالباً ما يأتون في وقت متأخر جداً تكون حالة المريض قد تفاقمت وأصبح من الصعب علاجها، أو تحتاج لخطة علاجية طويلة المدى بينما كان يمكن علاجه عند بدء المرض بطريقة أسهل ووقت أقصر.
البعض أيضاً يتهرب من الاعتراف بالمرض لاجئاً للخرافات والشعوذة مدعياً أن سحراً قد أصابه أو مَسَّاً أو عيناً، ويظل لأشهر وربما لسنوات يدور من مشعوذ الى آخر دون جدوى، وبعد أن ينال منه اليأس يلجأ أخيراً إلى أهل الاختصاص.
وهناك من تنتهي حياته متخبطاً في براثن المرض، إما في الوصول إلى مربع الجنون والتشرد في الشوارع، أو مسجوناً من قبل عائلته في غرفة مظلمة، خاصة إذا كان المريض امرأة، فالمجتمع يرى في إصابة المرأة بالمرض من نافذة العيب، ولذلك يحرص أقارب المرأة على إخفائها عن أعين الناس حتى آخر يوم من حياتها.