- كتب: د. قاسم المحبشي
كما كانت الرياضيات هي المثل الأعلى لليقين الاختباري في زمن ديكارت فكذلك صارت الأرقام والرقمنة والرقمية مفتاح العصر الراهن وربما القادم. الرقمنة مصطلح يعني تحولي النصوص والصور الفيديوهات التقليدية بوصفها معلومات إلى نسخ الالكترونية قابلة للتخزين والتفعيل والتعديل والحذف والإضافة، وتلك هي ثمرة الثورة التكنولوجية الثالثة فإذا كانت الثورة الصناعية الأولى تعني اكتشاف الطاقة البخارية واختراع المحركات.. وبدء عصر الماكينات، والثورة الصناعية الثانية هي ثورة الكهرباء والطاقة الاحفورية فأن الثورة التكنولوجية الثالثة هي ثورة الرقمنة والمعلوماتية.. إنها التكنولوجيا التي غيرت العالم وصورة الإنسان فيه. فإذا تخيلنا الكائن البشري في الوضع الأصلي قبل اللغة والنار وتصنيع الأدوات لما وجدنا شيئا غير الطبيعة الفجة في حالتها البيولوجية الأولى. وسواء آخذنا بالوحي الإلهي أو التفسير الاختباري العلمي؛ يظل الإنسان هو المعني بالتحول والتغيير والتعقل والتفكير والتأمل فهو من علمه الله الأسماء كلها وجعله خليفته في الأرض، والإنسان العاقل (باللاتينية: Homo Sapiens) هو الاسم العلمي للنوع الوحيد الغير منقرض من جنس الأناسي والمعروف بهومو (باللاتينية: Homo)، الذي يحتوي أيضاً على نياندرتال وأنواع أخرى من القردة العليا. صاغ كارولوس لينيوس الاسم الثنائي للإنسان العاقل (Homo Sapiens) في عام 1758، وهو اسم لاتيني؛ الجزء الأول منه homō بمعنى الإنسان، بينما تكون كلمة sapiēns صفة بمعنى المتميز، الحكيم، أو العاقل.. الكائن الوحيد الذي يمتلك القدرة على تعقل العالم ومنحه المعنى. فمن الإنسان لا من غيره انطلقت مسيرة الفكر البشري منذ أقدم العصور وقد كان جسد الكائن وعقله وحواسه وحدسه هي أدواته المتاحة للتعرف على عالمه وفهمه وتدبير العيش فيه ومازال كذلك إلى يوم الدين، فماذا لو لم يخترع الإنسان الأدوات التقنية التي ساعدته على مواجهة تحديات الحياة الطبيعية؟ من المؤكد أنه كان سيظل كائنا طبيعيا مثله مثل الكائنات الحية الأخرى، وقد عاش الإنسان ملايين السنيين مندمجا في الطبيعة في سياق حيوي سحري أسطوري لا يفرق بين الذات والأشياء والفكر والواقع ومنح للظواهر الطبيعية أسماءها الأسطورية.
في الواقع شهد عالمنا المعاصر نقلة نوعية في نسق الممارسة التقنية المعلوماتية ببعديها الراسي والأفقي وعلى مختلف المستويات التقنية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والأخلاقية والجمالية والفكرية والعقائدية ..الخ إذ بات الإعلام الرقمي بكل وسائطه المتعددة يمارس تأثيرا فعالا في صناعة الأحداث والقرارات وتشكيل الرأي العام والمواقف والاتجاهات المجتمعية المدنية والرسمية ايجابا وسلبا، وفي سياق هذا الخضم الهائل من وسائط التواصل الإعلامي والاجتماعي الالكترونية تزداد الحاجة الى إعادة فحص التكنولوجيا واثرها وتاثيرها على حياة الإنسانية المعاصرة وفي كل مكان من بقاع هذا العالم المعولم الذي اضحى شديد التداخل والتقارب والتواصل والاتصال والتأثر والتأثير بما لم يشهد له تاريخ الإنسانية مثيل، وبهذا المعنى يمكن تعريف الرقمنة بإنها مصطلح يعني تحويل النصوص والصور والفيديوهات التقليدية بوصفها معلومات إلى نسخ الالكترونية قابلة للتخزين والتفعيل والتعديل والحذف والإضافة، وتلك هي ثمرة الثورة التكنولوجية الثالثة الإعلام الرقمي هو خلاصة الثورة المستمرة التي شهدها ولازال عالمنا الراهن؛ ثورة المعلومات وثورة الاتصالات وثورة الحاسبات الالكترونية والإنترنت الذي وحد كل تلك الإنجازات التقنية في إطار بات يطلق عليه اسم (الإعلام الرقمي) كما سوف نوضح.. إذ يمكن تعريف الإعلام الرقمي بوصفه: مجموعة من الأساليب والأنشطة الرقمية الجديدة التي تمكننا من إنتاج ونشر المحتوى الإعلامي وتلقيه، بمختلف أشكاله من خلال الأجهزة الإلكترونية (الوسائط) المتصلة بالإنترنت، في عملية تفاعلية بين المرسِل والمستقبِل.. بحيث تكون جميع الوسائل والأدوات المستخدمة في إنتاج المحتوى الإعلامي من صحافة وأخبار وغيرها من الأدوات ومصادر المعلومات هي بشكل رقمي ومخزنة على وسط الخزن الإلكتروني وظهور المرحلة التفاعلية وتتميز بوجود نوع من التحكم الانتقالي من جانب أفراد الجمهور في نوعية المعلومات التي يختارونها، أي أن الفرد يمكن أن يكون رئيسا لتحرير المجلة التي يختارونها، مثل الفيس بوك والمدونات بأنوعها والفديوتيكس والتلفزيون الرقمي، أي أصبح الجمهور مشاركا في وسائل الإعلام بدلا من أن كونه متلقيا في الإعلام التقليدي، وفقًا لبعض التقديرات يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في العالم 5.16 مليار مستخدم وفقاً لأحدث إحصائيات 2023.
يبلغ عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية 4.76 مليار مستخدم
يوجد 5.44 مليار شخص يستخدم الموبايل على مستوى العالم – لا يشترط وجود إنترنت.
متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدمين على الإنترنت هو 6 ساعات و37 دقيقة.
متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدمين على كافة الشبكات الاجتماعية هو ساعتين و31 دقيقة.
متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدمين في ممارسة ألعاب الفيديو على المنصات المنزلية هو ساعة و10 دقائق.
متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدمين في الاستماع إلى البودكسات هو 54 دقيقة.
متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدمين في قراءة الصحف عبر الإنترنت هو ساعة و57 دقيقة.
متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدمين في مشاهدة التلفزيون سواءً عبر البث الاسلكي أو الإنترنت هو 3 ساعات و14 دقيقة
الهند هي الدولة التي تضم أكبر عدد من الأشخاص غير المتصلين بالإنترنت وذلك بحوالي 743 مليون شخص تليها الصين بحوالي 415 مليون
تعتبر كوريا الشمالية الدولة الأقل استخداماً للإنترنت في العالم مقارنة بحجم السكان وذلك بسبب الحظر.
الحصول على المعلومات يتصدر قائمة استخدامات الإنترنت الأكثر شعبية، يليه البقاء على اتصال مع الأهل والأصدقاء يليه متابعة الأخبار ومعرفة ما يجري من أحداث..
يتربع محرك بحث جوجل على عرش أكثر المواقع زيارة على مستوى العالم.
” بهذه الثورة المعلوماتية أصبحنا أمام ما ندعوه بالمجتمع الرقميDigital Society، والفرد الرقميDigital Individual، والمواطنة الرقمية، وهذه الأخيرة بمثابة مواطنة افتراضية Virtual Citizenship في فضاء إلكتروني تكنولوجي واسع المدى، تتعدد فيه الهويات، وتتداخل القيم، وتتهاوى الخصوصية، وتُزيف المشاعر، وتنبثق حقوق وواجبات جديدة تضع الهوية بمفهومها التقليدي في مأزق” (ينظر ، صلاح عثمان، المواطنة الرقمية وأزمة الهوية)، فكيف يمكن النظر إلى الهويات التقليدية في عالم المواطنة الرقمية؟ ذلك هو سؤال الندوة المزمعة في المعهد العالمي للتجديد العربي.