- كتب: نبيل الشرعبي
وأنت تقرأ مبادرة دبي الشاطئية البيئية، وهي مبادرة أطلقتها الإمارات العربية المتحدة لتوسعة الشواطئ الإماراتية بمقدار 400 بالمائة على ما هي عليه الأن، وتوفير كل الخدمات وسبل الرفاهية لتصبح شواطئ آهلة بالزوار… وأنت تقرأ ذلك تتسأل ماذا عن شواطئ وسواحل اليمن..؟..
وببساطة يأتي الجواب.. شواطئ الإمارات لؤلؤة تدر ذهبا، وشواطئ وسواحل اليمن مكب لمخلفات ونفايات العالم..
خلال عقدين من الزمن شهدت شواطئ وسواحل اليمن حوالي 5 حالات تلويث وصفت بالكبيرة من سفن أجنبية تم الإعلان عنها وأنها لم تكن متعمدة، فيما هي في الأساس متعمدة لأن لا أحد يهتم بالبيئة البحرية في اليمن.. ومن أبرز تلك الحالات: جنوح سفينة بريطانية في مياه البحر العربي، وإفراغ عشرات الأطنان من المواد السامة ومخلفات نفايات محرم تفريغها في مياه البحار، وسفينة أخرى فرنسية جنحت في مياه البحر الأحمر وأعقبها إفراغ عشرات الأطنان من النفايات القاتلة للبيئة البحرية..
أما الحالات التي نجم عنها تلويث أخف من المثاليين السابقين فقد تكون بالمئات، فيما لم يتم الإعلان إلا عن عشرات الحالات، وزيادة على ذلك كانت تذهب الجهات المعنية إلى تبريرها بأنها غير مقصودة..
حسرة وخيبة أمل مما يحدث على شواطئ وسواحل اليمن من تلويث أقول بأنه متعمد من سفن أجنبية.. كيف متعمد؟.. الإجابة: لا يعقل أن تبحر سفينة ملايين الأميال البحرية وهي محملة بنفايات مجرم تفريغها في البحار والمحيطات ولا يحدث لها شيء، وما أن تصل المياه اليمنية يحدث لها جنوح ويتعثر مواصلة خط سيرها إلا وقد تم إفراغ حمولتها من النفايات والتي يختلف توصيفها مرة تلو الأخرى..
مواقع عالمية كثيرة متخصصة بمتابعة خطوط السير البحري للسفن عبر محيطات وبحار العالم، تنشر ما بين فينة وأخرى أخبار عن قيام سفن أجنبية بدخول المياه اليمنية وإفراغ مواد ونفايات كانت على متنها، ثم تكمل رحلاتها بكل سلام..
كثير من دول العالم رفعت قضايا ضد دول أو شركات نقل بحري، أفرغت سفنها نفايات في مياه هذه الدول، فتصدر أحكام قضائية تقضي بتعويض الدول، كما تلزم الأحكام القضائية الدول وشركات النقل البحري مالكة السفن بتوقيع تعهدات بعدم عبور سفنها في مياه الدول المتضررة.. فيما بالشأن اليمني لا أحد يهتم، ولذلك غدت المياه والسواحل والشواطئ اليمنية مكب لنفايات العالم..
أيضا بالمتابعة لمواثيق حماية بيئة المحيطات والبحار، يتضح أن دول العالم وشركات النقل البحري تدفع مليارات الدولارات للتخلص من السفن والناقلات البحرية العملاقة التي انتهى عمرها الافتراضي، دون الإضرار بالمحيطات والبحار.. إذ تحدد اتفاقيات النقل البحري عبر القارات عمر افتراضي لاستخدام سفن النقل، وتحريم استخدامها بعد انتهاء العمر المحدد، ولأن تكاليف التخلص الآمن منها يكلف مبالغ باهضة جدا، تسوق لتجار يمنيين وتباع لهم فيجلبونها إلى المياه اليمنية.. أو يتم الإبحار بها إلى مياه اليمن وتدبير حادث يتسبب في تدمير جانب منها بما لا يسمح لها بمواصلة الإبحار وتترك في المياه اليمنية…
عشرات السفن والناقلات البحرية المعطلة_ أو بالأصح تم التخلص منها، تتراكم في المياه والسواحل اليمنية، وبعضها مر عليها عقود من الزمن ولم تتحرك الجهات المعنية حتى لجرها إلى منطقة بعيدة عن البيئة البحرية لمنع التلوث..
خلال الخمسة الأعوام الأخيرة، تداولت وسائل إعلام محلية وخارجية وبشكل مكثف حالات نفوق غير معتادة للأحياء البحرية وبالذات في سواحل جزيرة سقطرى وحضرموت وعدن وأبين والمهرة، وفي المقابل تناولات مواقع عالمية متخصصة في رصد مسارات السفن والناقلات البحرية، قيام سفن أجنبية بإفراغ نفايات في المياه اليمنية ويكون ذلك بالتزامن مع حالات النفوق للأحياء البحرية في اليمن، والمخجل أن الجهات المعنية وبكل بجاحة تظهر لتعلن أن أسباب النفوق كانت طبيعية إما بسبب ارتفاع درجات الحرارة أو طرق الصيد غير السليمة..
قبل حوالي أسبوع من إعلان تعرض سفينة إماراتية لحادث حريق بالقرب من ميناء المكلا بحضرموت، شهدت سواحل المهرة حالة نفوق غير معهودة في الأسماك والأحياء بحرية.. السفينة الإماراتية التي احترقت بالقرب من ميناء المكلا، قبل أسبوع من احتراقها كانت تبحر في المياه الواقعة ضمن محافظة المهرة..
نتائج خجولة جدا أعلنت عنها الجهات المعنية فيما يخص تلك السفينة ومنها: السفينة صغيرة.. كانت تحمل حوالي 60 برميل فيها مواد غير معروفة.. مخازن السفينة احترقت كليا بما فيها من مواد بعضها مشتعلة… وانتهت الحكاية.. وبعد أيام قليلة تداولت وسائل إعلام قيام سفينة أجنبية بإفراغ نفايات في سواحل أبين.. وانتهت الحكاية..
إنها سواحل وشواطئ اليمن.. مكب نفايات العالم.. والجهات المعنية تؤدي دور المدافع عن قتلة البيئة البحرية اليمنية..