- كتب: عارف الدوش
وصلني مع الصديق العزيز الأستاذ عبد الناصر الأكحلي كتاب الدكتور أحمد محمد الأصبحي بعنوان ” المؤسس الأول للصناعة الوطنية .. الحاج علي محمد سعيد .. قصة كفاح أل السعيد وتجربة نجاح المجموعة ” .. فرحت به كثيراً لعله يجيب على أسئلة ظلت تدور في راسي منذ أن قرأت أن الحاج هائل سعيد أنعم هاجر إلى مرسيليا بفرنسا وكان يحضر الجلسات والحضرات الصوفية الروحية في حلقات الذكر في مرسيليا .. وأنه كان ذاكراً لله كثيراً في السراء والضراء .. وأن سلوكه كان سلوك الصالحين الزاهدين .. وأنه كان ينفق كمن لا يخشى الفقر .. الأمر الذي جعله يخصص جزء من أرباح تجارته للإعمال الخيرية وقد أشتهر الحاج هائل كثيراً في مدينة تعز وغيرها من المدن اليمنية بفعل الخير .. وتُروى أحاديث كثيرة عن سلوكه سلوك الصالحين في حبه للخير وعطفه على المساكين والمحتاجين وذهابة إلى بيوتهم لمساعدتهم وإنفاقه كمن لا يخشى الفقر …
هكذا وصلتني المعلومة منذ فترة طويلة تجاوزت 25 عاماً وأكثر … فرحتي بالكتاب الجديد كانت نابعة من هذه الزاوية أولاً لعلي أعثر فيه على ما أبتغي وثانياً لمعرفة تفاصيل البدايات الصعبة والشاقة لتجارة الحاج هائل سعيد أنعم وذلك النجاح الذي تحقق لتجارته في حياته وبعد وفاته ولازال النجاح مستمراً إلى اليوم …
وضعت الكتاب أمامي مع عدد أخر من الكتب وبعض الدراسات ليأخذ دوره في القراءة .. وكنت قد قرأت في فترات سابقة مقابلات صحفية وبعض الكتابات عن الحاج علي محمد سعيد ودوره في التخطيط والإعداد لثورة 26 سبتمبر 1962م وشغله عدد من المناصب سواء عضو مجلس قيادة الثورة في أكتوبر 1962م ثم عضو مجلس الرئاسة أبريل 1963م .. وشغله منصب وزير صحة في اول حكومة عقب قيام الثورة أو دوره في المجال الإقتصادي وعقد الإتفاقيات والمعاهدات مع العديد من الدول وفي مقدمتها جمهوية مصر العربية أو الإتحاد السوفيتي والصين وغيرها .
… لكن الحيرة أخذت مني بعض الوقت أأبدأ بالكتابة أولاً عن الحاج علي محمد سعيد الذي خصص الدكتور أحمد الأصبحي هذا الكتاب عن دوره البارز والمتميز في تأسيس مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه ودوره في النضال الوطني ومشاركتة في ثورة 26 سبتمبر 1962م ودعمه لمعارك فك حصار السبعين يوما عن العاصمة صنعاء .. أم أبدأ بالكتابة عن مؤلف الكتاب الدكتور أحمد محمد الأصبحي الرجل صاحب الحضور الفاعل المُبهر في فترات سياسية سابقة امتدت بنشاطاتها فترة من الزمن جاعلة الدكتور الأصبحي خريج كلية الطب من العاصمة العراقية بغداد في مصدر الضوء والفعالية .. حيث أعاره الطب للسياسة والأدب فضل حاملاً مشرط الطبيب يداوي به السياسة التي كانت معتلة من تصرفات بعض السياسيين ..
وفي ذروة الحيرة قررت أن ابدأ بمؤلف الكتاب الدكتور أحمد الأصبحي على أن تتواصل قراءتي للكتاب في حلقات حول ( المؤسس الأول للصناعة الوطنية .. الحاج علي محمد سعيد .. قصة كفاح أل السعيد وتجربة نجاح المجموعة ) …. فإلى ما جادت به المعلومات المكتوبة أو المخزونة في الذاكرة عن الدكتور أحمد الأصبحي :
من منا لا يعرف الدكتور أحمد محمد الأصبحي !! ومن منا لم يراه ولم يسمعه وهو يجلجل بصوته ببلاغة ووضوح صوت في تلفزيون الجمهورية العربية اليمنية في فترة تأسيس المؤتمر الشعبي العام وما تبعها من مؤتمراته وفي الإنتخابات للمجالس المحلية وغيرها من الأنشطة السياسية والإنتخابية والبرلمانية .. فقد كان كأنه متخصصاً في إلقاء البيانات الختامية للكثير من الفعاليات السياسية للمؤتمر الشعبي العام أو غيرها بحكم موقعه القيادي في المؤتمر أولاً أمين سر اللجنة الدائمة ثم أمينا عاما مساعداً للشئون السياسية والعلاقات الخارجية .
وقد تميز الدكتور أحمد الأصبحي بالقراءة الصحيحة باللغة العربية ملتزماً بمخارج الحروف والنحو وكان كما علمت خلال تواجدنا معاً في فريق الحكم الرشيد بمؤتمر الحوار الوطني لأكثر من عام .. أنه كان يصحح أي أخطاء لغوية أثناء القراءة .. كما كان الدكتور أحمد الأصبحي يتميز بقدرات القراءة لفترة طويلة دون أن يرتبك أو يتوقف أو يبل ريقه بقليل من الماء .. وكان يظل واقفا تحت اضواء عدسات كاميرات التصوير دون أن يرف له جفن أو يتلعثم بالإلقاء أو يتوقف .. وكان ذلك محل إنتباه وإعجاب وإشادة من قبل الكثير ممن كانوا يستمعون إليه ويشاهدوه على شاشات التلفزيون ..
وحين يطل أي صحافي وكاتب على حياة ونشاطات الدكتور أحمد محمد الأصبحي سيجدها مليئة بالتفاصيل الكثيرة التي تتنوع وتتعدد بتنوع وتعدد نشاطات الرجل وتجربتة الطويلة كرجل دولة وإداري وسياسي ومثقف مشهود له .. فالدكتور أحمد محمد الأصبحي من مواليد 1947م – الأصابح – مديرية الشمايتين – محافظة تعز .. التحق بكتاب القرية ثم التحق بمدارس عدن ثم سافر الى قطر ومنها إلى بغداد التي حصل من جامعتها على البكالوريوس في الطب والجراحة عام 1974م .
رأس تحرير مجلة الصحة التي كانت تصدر عن وزارة الصحة وحاضر في الطب الشرعي في كلية الشرطة بصنعاء واعد برنامجاً إذاعياً لإذاعة صنعاء وشغل مديراً للصحة المدرسية ومحاضراً في الصحة المدرسة – كلية التربية – جامعة صنعاء والف كتابين في التربية الصحية والتثقيف لوزارة التربية والتعليم السنتين الأولى والثانية ( المرحلة الإعدادية ) وحاضر في الأكاديمية العسكرية – صنعاء ونشر عدد من المقالات الأدبية والطبية في الصحف والمجلات المحلية والعربية ..
ومنذ العام 1978 م شغل الدكتور أحمد محمد الأصبحي منصب وزيراً لأكثر من وزارة وهي : وزارات ( الصحة والتربية والتعليم والخارجية والشؤون الإجتماعية والعمل )
وتم تعيين الدكتور أحمد الأصبحي مقرراً عاماً للمؤتمر الشعبي العام عند التأسيس المنعقد في 24 أغسطس 1982م ثم رئيس لجنة إعداد النظام الداخلي للمؤتمر ثم رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في محافظة تعز والذي تشكل في 24 يناير 1983م.
وشغل منصب أمين سر اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام خلال الفترة 1982ـ 1993م .. وفي العام 1993م تعرض لمحاولة اغتيال غادر على إثرها البلاد للعلاج والإقامة في العاصمة الأردنية عمّان حتى عاد منها إلى الوطن العام 2002 م وتم تعينه في منصب الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والعلاقات الخارجية لحزب المؤتمر الشعبي العام خلال الفترة 2003 ـ 2005م وفي العام 2006 م عُيِّن عضواً في مجلس الشورى ..
والدكتور أحمد محمد الأصبحي كان من أهم المشاركين في صنع القرار السياسي اليمني .. وله عدد كبير من المحاضرات الفكرية والسياسية والتاريخية والثقافية . كما شارك في الكثير من المؤتمرات والندوات واللقاءات المحلية والإقليمية والدولية.. ويعد الأصبحي من قادة العمل القومي العربي .
وعلى الصعيد العربي كان الدكتور أحمد محمد الأصبحي عضو الأمانة العامة لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي وعضو المؤتمر القومي العربي وعضو مؤتمر الأحزاب العربية عضو الأمانة العامة لمؤسسة القدس ورئيساً للمجلس الأعلى لاتحاد الأطباء العرب. ويشهد له أنه باحثاً سياسياً من الطراز الأكاديمي الإداري من خلال ما قدمه من مشاريع بحثية قومية رصينة أبرزها : تطور الفكر السياسي (رواده ـ اتجاهاته ـ إشكالياته) عام 2008م كما قدم عملاً بحثياً اتسم بتميزه بالجرأة في الطرح كخارطة طريق للمّ الشمل العربي وهو ” أوراق في المشروع العربي” قدمه في ندوات عربية مفتوحة على أرباب الفكر السياسي والثقافي والاقتصادي العربي …
وفي الختام .. تواجدنا معاً في مؤتمر الحوار الوطني الذي أنعقد في العاصمة صنعاء ( 2012 م واستمر قرابة العام) حيث كان نائباً لرئيس فريق الحكم الرشيد بالمؤتمر .. وخلال جلسات فريق الحكم الرشيد كان له دوراً بارزاً في التوصل إلى توصيات وقرارات بالتوافق بين المشاركين من جميع القوى السياسية .. كما كان يتميز بالفعالية وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء للوصول إلى توافقات تجمع كل الفرقاء السياسين .. وعلمت بإنه أصيب بجلطة قبل فترة فغادر للعلاج في العاصمة الأردنية عمان وعاد بعد ذلك إلى العاصمة صنعاء حيث يشغل عضواً في مجلس الشورى ….
وحتى لا أنسى فالدكتور أحمد محمد الأصبحي بالإضافة إلى أنه طبيب وسياسي فهو أديب وروائي ألف ما يقارب (28) كتابا منهم اربع روايات هي ( البدية والهمداني يطل من اورليان وحب في زمن البريسترويكا (بمذاق عسل جردان ) و الصين ( الرفاهية ) بعيون عربية ) …
_____________ يتبع